فإن استأجر أرضا ليزرع فيها الحنطة فله أن يزرع مثلها وما دونها في الضرر ولا يزرع ما فوقها، لان في مثلها يستوفى قدر حقه وفيما دونها يستوفى بعض حقه، وفيما فوقها يستوفى أكثر من حقه، فان اكترى ظهرا ليحمل عليه القطن لم يحمل عليه الحديد لانه أضر على الظهر من القطن لاجتماعه وثقله، فان اكتراه للحديد لم يحمل عليه القطن لانه أضر من الحديد، لانه يتجافى ويقع فيه الريح فيتعب الظهر، فان اكتراه ليركبه بسرج لم يجز أن يركبه عريا لان ركوبه عريا أضر، فان اكتراه عريا لم يركبه بسرج لانه يحمل عليه أكثر مما عقد عليه، فان اكترى ظهرا ليركبه لم يجز أن يحمل عليه المتاع لان الراكب يعين الظهر بحركته والمتاع لا يعينه، فان اكتراه لحمل المتاع لم يجز أن يركبه لان الراكب أشد على الظهر لانه يقعد في موضع واحد والمتاع يتفرق على جنبيه، فان اكترى قميصا للبس لم يجز أن يتزر به، لان الاتزار أضر من اللبس، لانه يعتمد فيه على طاقين وفى
اللبس يعتمد فيه على طاق واحد، وهل له أن يرتدى به فيه وجهان:
(أحدهما)
يجوز لانه أخف من اللبس
(والثانى)
لا يجوز لانه استعمال غير معروف فلا يملكه كالاتزار
(فصل)
وله أن يستوفى المنفعة بنفسه وبغيره، فان اكترى دارا ليسكنها فله أن يسكنها مثله ومن هو دونه في الضرر، ولا يسكنها من هو أضر منه، فان اكترى ظهرا ليركبه فله أن يركبه مثله ومن هو أخف منه ولا يركبه من هو أثقل منه لما ذكرناه في الفصل قبله.
(الشرح) حديث جابر رواه البخاري ومسلم بلفظ (أنه كان يسير على جمل له قد أعيا فأراد أن يسيبه، قال: ولحقني النبي صلى الله عليه وسلم فدعا لى وضربه فسار سيرا لم يسر مثله فقال: بعنيه، فقلت لا، ثم قال: بعنيه فبعته واستثنيت حملانه إلى أهلى، وفى لفظ لاحمد والبخاري (وشرطت ظهره إلى المدينة) وتمام الحديث في الصحيحين (فلما بلغت أتيته فنقدني ثمنه ثم رجعت فأرسل في أثرى فقال: أتراني ماكستك لا آخذ جملك، خذ جملك ودراهمك فهو لك) أما أحكام هذه الطائفة من الفصول فانه إذا اكترى دابة في الذمة فانه لا خيار