للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

والوجه الثاني: تبطل الاجارة فيما بقى من المدة لانه عقد على منفعة العين فبطل ملك العاقد للعين كالنكاح، فإنه لو تزوج أمة ثم اشتراها بطل نكاحه.

قالوا ولان ملك الرقبة يمنع ابتداء الاجارة فمنع استدامتها كالنكاح، فعلى هذا يسقط عن المشترى الاجر فيما بقى من الاجارة، كما لو بطلت الاجارة بتلف العين، وإن كان المؤجر قد قبض الاجر كله حسب عليه باقى الاجر من الثمن والله تعالى أعلم.

(فرع)

قال المزني: قال الشافعي ولا يفسخ بموت أحدهما إذا كانت الدار قائمة وليس الوارث بأكثر من الموروث الذى عنه ورثوا.

اه فإذا ثبت هذا فان عقد الاجارة لازم لا ينفسخ بموت المؤجر ولا المستأجر وبه قال مالك واحمد واسحاق.

وقال أبو حنيفة وسفيان والليث بن سعد: الاجارة تبطل بموت المؤجر والمستأجر استدلالا بأن عقود المنافع تبطل بموت العاقد كالنكاح والمضاربة والوكالة، ولان الاجارة تفتقر إلى مؤجر ومواجر فلما بطلت بتلف المواجر بطلت بتلف المؤجر، وتحريره قياسا أنه عقد اجارة يبطل بتلف المواجر فوجب ان يبطل بتلف المؤجر قياسا عليه إذا أجر نفسه، ولان زوال ملك المؤجر عن رقبة المواجر يوجب فسخ الاجارة قياسا عليه إذا باع ما أجره برضى المستأجر، ولان منافع الاجارة انما تستوفى بالعقد والملك، وقد زال ملك المؤجر بالموت وان كان عاقدا.

والوارث لا عقد عليه وان صار مالكا، فصارت منتقلة من العاقد إلى من ليس بعاقد، فوجب أن يبطل لتنافى اجتماع

العقد والملك.

ودليلنا هو ان ما لزم من عقود المعاوضات المحضة لم تنفسخ بموت أحد المتعاقدين كالبيع، فان قيل ينتقض بموت من أجر نفسه لم يصح لان العقد انما يبطل بتلف المعقود عليه لا بموت العاقد، ألا تراه لو كان حيا فزمن بطلت الاجارة، وان كان العاقد حيا، ولان السيد قد يعاوض على بضع أمته بعقد النكاح كما يعاوض على خدمتها بعقد الاجارة.

فلما لم يكن موته مبطلا للعقد على بضعها لم يبطل بالعقد على استخدامها.

ويتحرر من هذا الاعتلال قياسان:

(أحدهما)

أنه عقد لازم على منافع ملكه فلم يبطل بموته كالنكاح على أمته

<<  <  ج: ص:  >  >>