لانه لم يؤجل ملكه وإنما ناب عن غيره، وإن أجره من يستحق غلته ويستوجب أجرته لكونه وقفا عليه فقد اختلف أصحابنا في بطلان الاجارة بموته على وجهين
(أحدهما)
وَهُوَ قَوْلُ أَبِي عَلِيِّ بْنِ أَبِي هُرَيْرَةَ: أن الاجارة قد بطلت بموته وانتقال المنفعة إلى غيره، وفرق بين المالك والوقف بأن وارث الملك يملك عن المؤجر فلم يملك ما خرج عن ملك المؤجر، وليس كذلك الوقف، لان مؤجره يملك منفعته مدة حياته، فإذا فقد انقطع ملكه وانتقل إلى من بعده بشرط
الوقف بالارث.
(والوجه الثاني) وهو الاظهر: الاجارة لا تبطل لان مؤجره وال قد أجره في حق نفسه وحق من بعده بولايته، فإذا انقضى حقه بموته صحت إجارته في حق من بعده بولايته، فإذا كان قد استوفى الاجرة استرجع من تركته أجرة ما بقى من المدة بعد موته.
وإذا استأجر الرجل من أبيه دارا سنة ودفع إليه الاجرة ثم مات الاب نظرت فان لم يكن له غير هذا الابن المستأجر فقد سقط حكم الاجارة لانه صار مالكا للدار والمنفعة إرثا فامتنع بقاء عقده على المنفعة، فان لم يكن على أبيه دين فقد صارت الدار مع التركة إرثا، وإن كان على أبيه دين ضرب مع الغرماء بقدر الاجرة، لانها صارت بانفساخ الاجارة بالارث دينا على الاب فساوى الغرماء فيها، فلو كان للاب ابن آخر انفسخت الاجارة في نصف الدار وهو حصة المستأجر ولزمت في حصة الابن الآخر ورجع المستأجر منهما بنصف الاجره في تركة أبيه لانها صارت دينا عليه.
فإذا أجر الاب أو الوصي صبيا ثم بلغ في الصبى في مدة الاجارة رشيدا لاجارة لازمة لا تنفسخ ببلوغه وَاَللَّهُ تَعَالَى أَعْلَمُ.