للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

تشترط الحرية وغير المكلف، وان يقوم بالعمل باذن وبغير اذن، كما قال ذلك السبكى خلافا لابن الرفعة في اشتراط اذن السيد، ويخرج بذلك العاجز عن العمل كالصغير والضعيف إذا غلبهما العمل، فاشبه استئجار الاعمى للحراسة.

هكذا افاده الزركشي وابن العماد ونقل المزني ان الشافعي نص في المنشور أَنَّهُ إذَا قَالَ الْمَعْضُوبُ: مَنْ حَجَّ عَنَى فَلَهُ مِائَةُ دِرْهَمٍ، فَحَجَّ عَنْهُ إنْسَانٌ اسْتَحَقَّ الْمِائَةَ.

قَالَ الْمُزَنِيّ: يَنْبَغِي أَنْ يَسْتَحِقَّ أُجْرَةَ الْمِثْلِ، لِأَنَّ هَذَا إجَارَةٌ فَلَا يَصِحُّ مِنْ غَيْرِ تَعْيِينِ الْأَجْرِ.

هَذَا كَلَامُ الشَّافِعِيِّ وَالْمُزَنِيِّ، والمسألة التى ساقها المصنف بذكر النووي رضى الله عنه ان للاصحاب فيها ثَلَاثَةُ أَوْجُهٍ الصَّحِيحُ وُقُوعُ الْحَجِّ عَنْ الْمُسْتَأْجِرِ ويستحق الاجرة المسماة.

وبهذا نص الشافعي واختاره النووي، لِأَنَّهُ جَعَالَةٌ وَلَيْسَ بِإِجَارَةٍ.

وَالْجَعَالَةُ تَجُوزُ عَلَى عمل مجهول، فمن باب اولى المعلوم،

(وَالثَّانِي)

وَهُوَ اخْتِيَارُ الْمُزَنِيّ: أَنَّهُ يَقَعُ عَنْ الْمُسْتَأْجِرِ وَيَسْتَحِقُّ الْأَجِيرُ أُجْرَةَ الْمِثْلِ لَا الْمُسَمَّى.

وقد حَكَى إمَامُ الْحَرَمَيْنِ أَنَّ مُعْظَمَ الْإِصْحَابِ مَالُوا إلى هذا.

قال النووي.

وَلَيْسَ كَمَا قَالَ.

وَهَذَا الْقَائِلُ يَقُولُ: لَا تَجُوزُ الْجَعَالَةُ عَلَى عَمَلٍ مَعْلُومٍ لِأَنَّهُ يُمْكِنُ الِاسْتِئْجَارُ عَلَيْهِ.

(وَالثَّالِثُ) أَنَّهُ يَفْسُدُ الْإِذْنُ وَيَقَعُ الْحَجُّ عَنْ الْأَجِيرِ، لِأَنَّ الْإِذْنَ غَيْرُ مُتَوَجِّهٍ إلَى إنْسَانٍ بِعَيْنِهِ، فَهُوَ كَمَا لَوْ قَالَ: وَكَّلْتُ مَنْ أَرَادَ بَيْعَ دَارِي فِي بَيْعِهَا.

فَالْوَكَالَةُ بَاطِلَةٌ وَلَا يَصِحُّ تَصَرُّفُ الْبَائِعِ اعْتِمَادًا عَلَى هَذَا التَّوْكِيلِ.

وَهَذَا الْوَجْهُ حَكَاهُ الرَّافِعِيُّ.

وذكر امام الحرمين ان شيخ وَالِدَهُ أَبَا مُحَمَّدٍ أَشَارَ إلَيْهِ فَقَالَ: لَا يَمْتَنِعُ أَنْ يَحْكُمَ بِفَسَادِ الْإِذْنِ، وَهَذَا الْوَجْهُ ضَعِيفٌ جِدًّا بَلْ بَاطِلٌ مُخَالِفٌ لِلنَّصِّ وَالْمَذْهَبِ

وَالدَّلِيلِ.

فَإِذَا قُلْنَا بِالْمَذْهَبِ وَالْمَنْصُوصِ.

فَقَالَ مَنْ حج عنى فَلَهُ مِائَةُ دِرْهَمٍ فَسَمِعَهُ رَجُلَانِ وَأَحْرَمَا عَنْهُ.

قَالَ الْقَاضِي حُسَيْنٌ وَالْأَصْحَابُ: إنْ سَبَقَ إحْرَامُ أَحَدِهِمَا وَقَعَ عَنْ الْمُسْتَأْجِرِ الْقَائِلِ وَيَسْتَحِقُّ السَّابِقُ المائة.

واحرام الثاني يقع عَنْ نَفْسِهِ لِأَنَّهُ لَيْسَ أَحَدُهُمَا أَوْلَى مِنْ الْآخَرِ فَصَارَ كَمَنْ عَقَدَ نِكَاحَ أُخْتَيْنِ بِعَقْدٍ وَاحِدٍ.

وَلَوْ قَالَ مَنْ حَجَّ عَنِّي فَلَهُ مائة دينار فحج عَنْهُ رَجُلَانِ.

أَحَدُهُمَا بَعْدَ الْآخَرِ.

<<  <  ج: ص:  >  >>