للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

الجعالة، وجعلو إخبار الطبيب للمريض بدوائه عملا تافها لا جهد فيه ولا سعى

فلا يستحق عليه جعلا، فكيف بمن له جاه يمكن أن يؤثر به في رفع ظلم أو قضاء مصلحة بدون مشقة أو جهد أو سعى إلا أن يتفوه بكلمة هل يحل له أن يأخذ جعالة؟ إن قياس المذهب والبناء على أصله يمنع ذلك.

ولا أعلم في ذلك خلاف في الاصل الذى بنينا عليه، لانه يستمد قوته من قوله صلى الله عليه وسلم (الحلال بين والحرام بين) ويشترط لصحة العقد كون الجعل مالا معلوما لانه عوض كالاجرة والمهر ولانه عقد جوز للحاجة، ولا حاجة لجهالة العوض بخلاف العمل، ولان جهالة العوض تفوت مقصود العقد إذ لا يرغب أحد في العمل مع جهالة العوض، ويحصل العلم بالمشاهدة إن كان معينا، وبالوصف إن كان في الذمة.

فلو قال: من رد ضالتي فله ما حملت، وكان ما تحمله معروفا كسرجها ولجامها أو شيئا آخر تنقله ضلت به وكان معروفا للعامل، واستشكل ابن الرفعة اعتبار الوصف في المعين لانهم منعوه في البيع والاجارة وغيرهما.

قال البلقينى: ويمكن الفرق بدخول التخفيف هنا فلم يشدد فيها بخلاف نحو البيع، وقياسه صحته فله نصفه إن علم، وإن لم يعرف محله وهو أوجه الوجهين.

وما قاسه عليه الرافعى من استئجار المرضعة بنصف الرضيع بعد الفطام أجاب عنه في الكفاية بأن الاجرة المعينة تملك بالعقد فجعلها جزءا من الرضيع بعد الفطام يقتضى تأجيل ملكه، وهنا إنما تملك بتمام فلا مخالفة لمقتضى العقد ولا عمل يقع في مشترك، كذا أفاده الرملي (فرع)

إذا قال: من رد على ضالتي من بلد كذا فرده من جهه ذلك البلد لكن من أبعد منه فلا زيادة له لتبرعه بها.

أما إذا قال: من رده من بلد كذا فرده من أقرب منه فلا يستحق الاقسطه من الجعل، لانه جعل كل الجعل

في مقابلة العمل، فبعضه في مقابلة بعضه، فإن رده من نصف الطريق استحق نصف الجعل.

<<  <  ج: ص:  >  >>