وهنا يقول صاحب النهاية: لان قصد الملتزم الرد ممن التزم له بأى وجه أمكن فلم يقصر لفظه على المخاطب وحده بخلاف ما مر فيما إذا أذن لمعين فرد نائبه مع قدرته، لان المالك لم يأذن فيه اصلا.
ولا شئ للمعين إلا إن التزم له المخاطب أجرة، ويؤخذ من كلامهم هنا، وفى المساقاة كما أفاده السبكى جواز الاستنابة في الامامة والتدريس وسائر الوظائف التى تقبل النيابة، أي ولو بدون عذر فيما يظهر، ولو لم يأذن الواقف إذا استناب مثله أو خيرا منه، ويستحق المستنيب جميع المعلوم، وان أفتى ابن عبد السلام والنووي بأنه لا يستحقه واحد منهما، إذ المستنيب لم يباشر والنائب لم يأذن له الناظر، فلا ولاية له، وما نازع به الاذرعى من كون ذلك سببا لفتح باب أكل أرباب الجهالات مال الوقف دائما مما أرصد للمناصب الدينية، واستنابة من لا يصلح أو يصلح بنذر يسير.
قال غيره: وهكذا جرى فلا حول ولا قوه إلا بالله مردود باشتراط كونه مثله أو خيرا منه.
ولو قال لواحد: إن رددته فلك دينار.
وقال لآخر: إن رددته أرضيك، أو أحلى بالحلوى فمك، فرداه، فللاول نصف الدينار، وللآخر نصف أجرة مثل عمله.
وينقسم العقد باعتبار لزومه وجوازه إلى ثلاثة أقسام:(أحدها) لازم من الطرفين قطعا كالبيع والاجارة والسلم والصلح والحواله
والمسافاة والهبة لغير الفروع بعد القبض والخلع، ولازم من أحدهما قطعا، ومن الاخر على الاصح وهو النكاح فإنه لازم من جهة المرأة قطعا، ومن جهة الزوج على الاصح، وقدرته على الطلاق ليست فسخا.
(ثانيها) لازم من أحد الطرفين جائز من الاخر قطعا كالكتابة، والرهن وهبة الاصول للفروع بعد القبض والضمان والكفالة.
(ثالثها) جائز من الطرفين كالشركة والوكالة والعارية والوديعة، وكذا الجعل له قبل فراغ العمل.