للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

قومه ألف سنة إلا خمسين عاما، ومع هذا فما ءامن معه إلا قليل، وهو نبي من أولي العزم مؤيد بالمعجزات من الله تعالى؛ فما بالك بمن هو دونه؛ ولكن من كثُر التابعون له من الناس، لاشك أن له مثل أجور من تبعه؛ ولهذا قال في الحديث: «مثل أجور من تبعه»، ولذلك بكى موسى عليه السلام، عندما علم أن من يدخل الجنة من أمة نبينا محمد -صلى الله عليه وسلم-، أكثر من أمته كما في صحيح مسلم من حديث مالك بن صعصعة عن النبي -صلى الله عليه وسلم- وفيه: قال: «ثم انطلقنا حتى انتهينا إلى السماء السادسة، فأتيت على موسى عليه السلام، فسلمت عليه، فقال: مرحبا بالأخ الصالح والنبي الصالح، فلما جاوزته بكى، فنودي: ما يبكيك؟ قال: رب، هذا غلام بعثته بعدي يدخل من أمته الجنة أكثر مما يدخل من أمتي» (١)، وكذلك قول النبي -صلى الله عليه وسلم-: «فإني مكاثر بكم الأمم» (٢)، ففي هذا دليل على فضل كثرة التابعين للعبد المسلم على الهدى والخير والعمل الصالح، والله أعلم.

الثاني: ما يتعلق باستمرارية الناس التابعين له، فكلما استمر من تبعه زمنا طويلا بين الناس، حصل منهم استمرار العمل بالهدى الذي دعا إليه، وتعاقبته الأجيال وتوسع وانتشر في الأفاق، فإذا حصل هذا دام وزاد أجره وثوابه، وحصل الخير الكثير والنفع العظيم، وبالعكس فإذا انقطع من تبعه على الهدى الذي دعا إليه سواء بالموت أو بترك العمل، حصل من الأجر بقدر من تبعه واستمر ذلك العمل


(١) أخرجه مسلم عن مالك بن صعصعة (١/ ١٥٠) رقم (١٦٤).
(٢) أخرجه أبو داود (٢/ ٢٢٠) رقم (٢٠٥٠).

<<  <   >  >>