وهو يدعوهم الى الشر والضلال، والبدعة، والإثم، والعياذ بالله من ذلك؛ ولذلك قال الشاعر:
رام خيرا فضر من غير قصد *** ومن البر ما يكون عقوقا
وقال أخر:
عرفت الشرَّ لا *** للشرِّ ولكن لتوقِّيه
ومن لم يعرف الشرّ *** من الخير يقع فيه
فالدعوة الى الله تعالى لا تحصل إلا بالعلم الذي يعتبر سلاح الداعي وعدته وعتاده فبه يأمر بالمعروف وينهى عن المنكر، ويرد عن الشبه ويدحض الباطل، وينكر البدعة ويبين السنة، وغير ذلك مما يتعلق بأعمال الداعي الى الله تعالى.
قال ابن القيم:"إذا كانت الدعوة إلى الله أشرف مقامات العبد وأجلّها وأفضلها فهي لا تحصل إلا بالعلم الذي يدعو به وإليه، بل لا بد في كمال الدعوة من البلوغ في العلم، إلى حد أقصى يصل إليه السعي، ويكفي هذا في شرف العلم أن صاحبه يحوز به هذا المقام، والله يؤتي فضله من يشاء"(١).
فلابد للداعي أن يكون على معرفة بالعلم الشرعي مستمدا دليله من الكتاب والسنة على فهم سلف الأمة، متمسكا أشد التمسك به، مبتعدا عن كل ما يؤدي الى الانحراف عن ذلك الطريق القويم والسبيل المستقيم، ولذلك، قال ابن القيم عليه رحمة الله تعالى: "ومن أحالك على غير أخبرنا وحدثنا فقد أحالك: إما على
(١) مفتاح دار السعادة ومنشور ولاية العلم والإرادة (١/ ١٥٤).