وصرح المناوي رحمه الله تعالى بحصول استمرار الأجر بعد الموت ودوامه عند شرحه لحديث الدلالة على الخير بقوله:"ومن تأمل هذا المعنى ورزق التوفيق انبعثت همته إلى التعليم ورغب في نشر العلم ليتضاعف أجره في الحياة وبعد الممات على الدوام ويكف عن إحداث البدع والمظالم من المكوس وغيرها فإنها تضاعف عليه السيئات بالطريق المذكور ما دام يعمل بها عامل فليتأمل المسلم هذا المعنى وسعادة الدال على الخير وشقاوة الدال على الشر"(١). اهـ
الامر الربع: قد يموت الدال على الخير ويبقى العمل الخيري الذي دل عليه إذا كان العمل المدلول عليه مما يستمر خيره و يبقى نفعه، فبهذا يستمر الأجر والثواب للدال بعد الموت، ومن عمق النظر في هذا الحديث يجد أن الدلالة على الخير من أسهل أعمال العبادات وأعظمها أجرا إذا اخلص الإنسان فيها لله تعالى، وقصد الأجر والثواب منه سبحانه وتعالى، فقد يدل شخص أخر بكلمة واحدة فينفعه الله بها نفعا عظيما مالا يتوقعه الدال من المدلول أن يحصل ذلك النفع والخير، فمثلا لو قال انسان لآخر لو تعمل كذا وكذا أي من أعمال الخير، كأن يقول له، لو تبني هنا مسجدا، أو توقف وقفا، أو تطلب علما، أو غير ذلك من أوجه الخير، فعمل ذلك بما دله عليه، فبنى مسجدا واسعا، أو طلب علما فصار شيخا، أو حفر بئرا وجعله وقفا، كان للدال مثل أجر ذلك الفاعل ولا ينقص من أجره شيئا، فتأمل كم من الأجر والثواب نال الدال بسبب كلمة دل فيها