قد يقول قائل ما صلة هذا الحديث بالعمل الصالح الذي يجري للإنسان أجره وثوابه بعد موته، أقول الدلالة في الحديث واضحة جدا؛ لعدة أمور:
الأمر الأول: إن هذا الحديث مثل حديث: العلم المنتفع به، ومثل حديث من دعا الى هدى، وحديث من سن سنة حسنة، وإن كان هناك فرق بين من علَّم العلم النافع، والدعوة الى الهدى من جهة، وبين الدلالة على الخير من جهة أخرى.
الأمر الثاني: أن قوله -صلى الله عليه وسلم-: «مثل أجر فاعله» لم يتقيد حصول الأجر بزمان أو مكان فيكون له مثل أجر فاعله مهما فعل من الخير.
الأمر الثالث: موافقة العلماء المماثلة بين حديث الدلالة على الخير، وبين غيره مما يحصل منه استمرار الأجر والثواب للفاعل بعد الموت، ودليل ذلك قول العلامة ابن الأمير كما مر معنا قبل هذا الإيراد، وكذلك قول النووي عند شرحه لحديث:«لا تقتل نفس ظلما إلا كان على بن آدم الأول كفل منها لأنه كان أول من سن القتل» قال: "وهذا الحديث من قواعد الإسلام وهو أن كل من ابتدع شيئا من الشر كان عليه مثل وزر كل من اقتدى به في ذلك العمل مثل عمله إلى يوم القيامة، ومثله من ابتدع شيئا من الخير كان له مثل أجر كل من يعمل به إلى يوم القيامة، وهو موافق للحديث الصحيح من سن سنة حسنة ومن سن سنة سيئة، وللحديث الصحيح من دل على خير فله مثل أجر فاعله، وللحديث الصحيح ما من داع يدعو إلى هدى وما من داع يدعو إلى ضلالة والله أعلم"(١)، انتهى كلامه،