للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

الدليل الرابع:

عن عبد الله بن عباس، أن سعد بن عبادة الأنصاري، اسْتَفْتَى النَّبِيَّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فِي نَذْرٍ كَانَ عَلَى أُمِّهِ، فَتُوُفِّيَتْ قَبْلَ أَنْ تَقْضِيَهُ، «فَأَفْتَاهُ أَنْ يَقْضِيَهُ عَنْهَا» (١).

التوضيح:

قبل البدء في ذكر شيء من أقوال أهل العلم حول هذه الأحاديث يتبين لنا من خلالها أن الحج يصح عن الميت، وأن أجر وثواب ذلك الحج يصله، وهذا من الأعمال الصالحة التي يجري للعبد أجرها بعد موته وهو في قبره، سواء كان بوصية منه أو لم يكن بوصية وإنما حج عنه أحد من الناس؛ ولكن أجر هذا العمل ليس مما يدوم ويستمر أجره سنين عديدة كالصدقة الجارية، أو العلم المنتفع به، أو نحو ذلك من الأعمال الصالحات التي مرت معنا، نعم فهو يختلف مع ما سبق في هذه المسألة - أي مسألة استمرار الأجر ودوامه- ولكن الأجر والثواب حاصل، والدليل فيه واضح وفاصل، وفيه ردا على من يقول بعدم مشروعية الحج عن الميت (٢)، وسأذكر طرفا من أقوال أهل العلم في شروحهم لهذه الأحاديث.

قال النووي عن الحديث الأول: " فيه دلالة ظاهرة لمذهب الشافعي والجمهور أن النيابة في الحج جائزة عن الميت والعاجز المأيوس من برئه … ، وفيه قضاء الدين


(١) أخرجه البخاري (٨/ ١٤٢) رقم (٦٦٩٨).
(٢) انظر: شرح صحيح البخاري لابن بطال (٤/ ٥٢٤)، فتح الباري لابن حجر (٤/ ٦٦).

<<  <   >  >>