للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

أما الصنف الثاني: وهم الذين يصرفون أموالهم في المعاصي والمحرمات، وفي شتى أنواع المنكرات مما يورثهم العذاب الأليم، والخسران الجسيم في الدنيا والأخرة، ومع هذا الإنفاق الكثير من الأموال التي تصرف في مثل هذه الأمور وغيرها، تجد منهم من قضى حياته ولم يجعل لنفسه من هذه الاموال الطائلة والاستثمارات المتعددة أدنى صدقة جارية لينتفع بها في حياته وبعد موته، فيموت ويَقدم على الله وهو كما يقال صفر اليدين - نعوذ بالله من ذلك - لم ينتفع بتلك الأموال والثروات، فقد ذهبت تلك اللذات وانتهت الشهوات، وكأنه لم يمتلك ذلك المال، ولذلك قال تعالى: {مَا أَغْنَى عَنِّي مَالِيَهْ * هَلَكَ عَنِّي سُلْطَانِيَهْ} [الحاقة: ٢٨، ٢٩] قال السعدي في تفسيره: " أي ما نفعني لا في الدنيا، لم أقدم منه شيئا، ولا في الآخرة، قد ذهب وقت نفعه" (١)، ومن الناس من ترك هذا المال لورثة غير صالحين فلا يتصدقون بشيء منه له بعد موته، بل قد ربما لا يحصل له منهم حتى دعوة صالحة، وقد ربما يحصل منهم السب له - والعياذ بالله من ذلك-، والدعاء عليه؛ وخاصة إذا حصل اختلاف، وخصومة، وتنازع بين الورثة؛ بسبب تركة مورثهم، ومن الورثة من يتمنى موت صاحب المال قبل موته وحلول أجله، نعم قد يتمنى بعض الورثة موت مورثهم، خاصة إذا طال عمره، وهذا كله بسبب تلك الأموال التي جمعها وكدسها في حياته وحرص عليها؛ ولم يجعل منها في وجوه الخير ما ينفعه ويقربه الى الله تعالى، ولم ينفق بسخاء على من يعولهم، هذا


(١) السعدي = تيسير الكريم الرحمن (ص: ٨٨٤).

<<  <   >  >>