للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

العمل الثالث

بناء بيت لابن السبيل

فقوله -صلى الله عليه وسلم-: «أَوْ بَيْتًا لِابْنِ السَّبِيلِ بَنَاه»، قال الهروي: "أي المسافر والغريب" (١)، قال ابن قدامة: "وابن السبيل: هو المسافر الذي ليس له ما يرجع به إلى بلده، وله اليسار في بلده" (٢)، وبناء بيت لابن السبيل لا يقوم به في هذا الزمان إلا من وفقه الله لذلك، مع أن هذا العمل من الأعمال الصالحة والصدقة الجارية التي يجري ويبقى للعبد أجرها وثوابها بعد الممات، ومع هذا فإن هذا العمل قد يكاد ينعدم أو منعدما عند الناس، وهذا إما بسبب جهل الناس بفضل وثواب هذا العمل الصالح، أو بسبب طغيان الحياة المادية عند الناس والسعي للحصول على المال، فاستبدلوا بناء الفنادق الكبيرة ببناء البيوت للغرباء وابن السبيل؛ ليأخذوا ممن نزل في تلك الفنادق المبالغ الباهظة، فأصبحت استثمارات ذات أهمية بالغة، وبهذا الفعل ترك الناس الاهتمام بابن السبيل والمسافر والغريب، وكأنه لا يوجد بين المسلمين ابن سبيل ولا مسافر ولا غريب ولا محتاج، وإن وجد ذلك فلا بد أن يكون معه مال ليجد له مكانا يأويه ويبيت فيه، وأما من ليس له مال فلا يجد مكانا يأويه وإن كان هو بين إخوانه المسلمين، مع أن ابن السبيل المستحق شرعا


(١) مرقاة المفاتيح شرح مشكاة المصابيح (١/ ٣٢٦).
(٢) المغني لابن قدامة (٦/ ٤٨٤).

<<  <   >  >>