للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

قد أوجب الله له من الزكاة المفروضة حتى وإن كان غنيا حتى يرجع الى بلده؛ ولما كان الاهتمام في الإسلام بابن السبيل بهذه الأهمية، جُعل بناء بيتا له من الصدقات الجاريات والأعمال الصالحات التي يجري للعبد أجرها بعد الموت، وعليه فإن من بنى بيتا وجعله وقفا أو صدقة جارية لابن السبيل والمسافر والغريب يأوي إليه فيقيه من الحر و البرد و يلجأ إليه وقت المطر، ويستريح فيه من سفره وتعبه وسهره، فهذا لاشك أن له أجرا عظيما، وثوابا كبيرا عند الله تعالى.

فمن جعل مأوىً لابن السبيل في هذه الدنيا، سيجعل الله له مأوى في الدنيا والأخرة يأوي إليه في وقت هو أشد حاجة إليه من حاجة ابن السبيل للمأوى في بيت من بيوت الدنيا، وقد جاء في الحديث عن عقبة بن عامر قال: سمعت رسول الله -صلى الله عليه وسلم- يقول: «كل امرئ في ظل صدقته حتى يفصل بين الناس، أو قال: حتى يحكم بين الناس، قال يزيد: فكان أبو الخير لا يخطئه يوم لا يتصدق منه بشيء، ولو كعكة ولو بصلة» (١).

فيكون الجزاء من جنس العمل، والحسنة بعشر أمثالها، وكلمة بيت في الحديث نكرة تشمل أي بيت سواء كبيرا أو صغيرا، كلا على حسب قدرته واستطاعته، ومن بنا بيتا لابن السبيل فيتطلب منه أن يجعل عليه من يقوم بالمحافظة عليه،


(١) أخرجه ابن خزيمة (٤/ ٩٤) رقم (٢٤٣١)، قال الألباني: حديث (صحيح) صحيح الجامع الصغير وزيادته (٢/ ٨٣٠) رقم (٤٥١٠).

<<  <   >  >>