للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

الدنيا وما عليها، فكيف سيكون مثله؟؟؛ ولذلك قال الشوكاني في نيل الأوطار: "وقد اختلف في معنى المماثلة، فقال ابن العربي: مثله في القدر والمساحة، ويرده زيادة: «بيتا أوسع منه» (١) عند أحمد والطبراني من حديث ابن عمر، وروى أحمد أيضا من طريق واثلة بن الأسقع بلفظ: «أفضل منه» وقيل مثله في الجودة والحصانة، وطول البقاء، ويرده أن بناء الجنة لا يخرب بخلاف بناء المساجد، فلا مماثلة، قال صاحب المفهم: هذه المثلية ليست على ظاهرها، وإنما يعني أن يبنى له بثوابه بيتا أشرف وأعظم وأرفع، وقال النووي: يحتمل أن يكون مثله معناه بنى الله له مثله في مسمى البيت، وأما صفته في السعة وغيرها فمعلوم فضلها، فإنها ما لا عين رأت ولا أذن سمعت ولا خطر على قلب بشر، ويحتمل أن يكون معناه، أن فضله على بيوت الجنة كفضل المسجد على بيوت الدنيا" (٢) انتهى.

قال الحافظ ابن حجر: "أي بنى بناء مثله، ولفظ المثل له استعمالان:

أحدهما الإفراد مطلقا: كقوله تعالى: {فقالوا أنؤمن لبشرين مثلنا}، والآخر المطابقة: كقوله تعالى: {أمم أمثالكم} فعلى الأول: لا يمتنع أن يكون الجزاء أبنية متعددة فيحصل جواب من استشكل التقييد بقوله: «مثله» مع أن الحسنة بعشرة أمثالها لاحتمال أن يكون المراد بنى الله له عشرة أبنية مثله، والأصل أن ثواب


(١) أخرجه أحمد عن أسماء بنت يزيد (٤٥/ ٥٨٥) رقم (٢٧٦١٢) قال محقق المسند طبعة الرسالة: حديث (صحيح لغيره)، بلفظ: " من بنى لله مسجدا، فإن الله يبني له بيتا أوسع منه في الجنة ".
(٢) نيل الأوطار (٢/ ١٧٣).

<<  <   >  >>