للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

عمه، بعد ما أشار إليه النبي -صلى الله عليه وسلم- بذلك؛ ومن تأمل هذا الفعل يجده ثقيل على النفس من ثلاثة أوجه:

الوجه الأول: الصدقة بأحب أمواله إليه، فقد يتصدق المتصدق منا لكن ليس من أغلا وأحب ما عنده من المال، وإن تصدق بذلك فقد ربما لا يتحمل أو لا يطيق أن يرى ذلك المال ينفق بين يديه ويعطى يمين وشمال للأخرين؛ لأنه لو نظر الى ذلك فقد ربما يمسك عن البذل والعطاء وهذا الوجه الثاني.

الوجه الثالث: أن أبا طلحة جعله في أقاربه وبني عمه، وهذا قد ربما يصعب على كثير من الناس أن يجعل تلك الاموال في أقاربه وبني عمومته لما قد يحصل بينهم من مشاحنات واختلافات، ولذلك يذهب ليتصدق على أناس أخرين و إن كانوا أحسن حال من أقاربه وبني عمه، ولسان حاله يقول هؤلاء لا يستحقون صدقة، ولكن انظر إلى فعل أبي طلحة فقد ذهب بنفسه وقسم ذلك المال ونفسه راضية بما أشار عليه النبي -صلى الله عليه وسلم- ولم يتردد أو يراجع النبي -صلى الله عليه وسلم- بل قال أفعل يا رسول الله، ولسان حاله كما أخبر: " أرجو برها وذخرها عند الله " فهذا أبو طلحة الأنصاري وهذا سباقه الى الخير، وكذلك عمر ابن الخطاب كما مر معنا في الصورة الأولى تصدق بأنفس ماله وأفضله ولذلك قال رضي الله عنه: يا رسول الله، إني أصبت أرضا بخيبر، لم أصب مالا قط هو أنفس عندي منه، فما تأمرني به؟ قال: «إن شئت حبست أصلها، وتصدقت بها»، قال: فتصدق بها عمر، فانظر الى هذه المواقف العظيمة كيف يبحثون من ذات انفسهم ودون طلب من النبي -صلى الله عليه وسلم- لهم، بل هم من

<<  <   >  >>