للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

وقوله -صلى الله عليه وسلم-: «ومن سن في الإسلام سنة سيئة كان عليه وزرها … »: أي أتى بطريقة غير مرضية لا يشهد لها أصل من أصول الدين، يعني بدعة شرعية (١)، قال صاحب دليل الفالحين: "أي: معصية وإن قلَّت بأن فعلها فاقتدى به فيها أو دعا إليها أو أعان عليها «كان عليه وزرها» أي: إثم عملها، «ووزر من عمل بها من بعده من غير أن ينقص من أوزارهم شيء»؛ وذلك لأن فعل المكلفين وإن كان غير موجب ولا متقض لثواب ولا عقاب بذاته إلا أن الله تعالى أجرى عادته الإلهية بربطهما به ارتباط المسبب بالسبب وليس للعبد تأثير في صدور الفعل عنه بوجه، فكما يترتب كل منهما على ما يباشره بترتب على ما هو السبب فيه بنحو إرشاد أو أمر، فلما انفكت جهة المباشرة عن جهة جزاء الدلالة لم ينقص أجر الدالّ من أجر المباشر شيئاً" (٢).

قال ابن عثيمين: "أن من سن سنة سيئة؛ فعليه وزرها ووزر من عمل بها إلى يوم القيامة، حتى لو كانت في أول الأمر سهلة ثم توسعت، فإن عليه وزر هذا التوسع، مثل لو أن أحداً من الناس رخص لأحد في شيء من المباح الذي يكون ذريعة واضحة إلى المحرم وقريباً، فإنه إذا توسع الأمر بسبب ما أفتى به الناس فإن عليه الوزر ووزر من عمل بها إلى يوم القيامة، نعم لو كان الشيء مباحاً ولا يخشى منه أن يكون ذريعة إلى محرم، فلا بأس للإنسان أن يبينه للناس، كما لو كان الناس


(١) مرعاة المفاتيح شرح مشكاة المصابيح (١/ ٣١٦).
(٢) دليل الفالحين لطرق رياض الصالحين (٢/ ٤٤٦).

<<  <   >  >>