للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

عَمَلٍ يَعْمَلُ؟ قَالَ الزِّرَاعَةَ.

قَالَ: هَلْ عَلِمْتَ لِأَيِّ شَيْءٍ ضَرَبَكَ؟ قَالَ: لَا.

قَالَ: فَلَعَلَّهُ حِينَ أَصْبَحَ وَتَوَجَّهَ إِلَى الزَّرْعِ وَهُوَ رَاكِبٌ الْحِمَارَ، وَالثِّيرَانُ بَيْنَ يَدَيْهِ وَالْكَلْبُ مِنْ خَلْفِهِ، وَهُوَ لَا يُحْسِنُ الْقُرْآنَ فَتَغَنَّى وَتَعَرَّضْتَ لَهُ فِي ذَلِكَ الْوَقْتِ، فَظَنَّ أَنَّكَ بَقَرَةٌ، فَاحْمَدِ اللَّهَ حَيْثُ لَمْ يَكْسِرْ رَأْسَكَ وَعَنْ ثَابِتٍ الْبُنَانِيُّ رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى , قَالَ: رُوِيَ أَنَّ رَجُلًا كَانَ يَضْرِبُ أَبَاهُ فِي مَوْضِعٍ، فَقِيلَ لَهُ مَا هَذَا؟ فَقَالَ الْأَبُ خَلُّوا عَنْهُ، فَإِنِّي كُنْتُ أَضْرِبُ أَبِي فِي هَذَا الْمَوْضِعِ، فَابْتُلِيتُ بِابْنِي يَضْرِبُنِي فِي هَذَا الْمَوْضِعِ، هَذَا بِذَاكَ وَلَا لَوْمَ عَلَيْهِ.

قَالَ بَعْضُ الْحُكَمَاءِ: مَنْ عَصَى وَالِدَيْهِ لَمْ يَرَ السُّرُورَ مِنْ وَلَدِهِ، وَمَنْ لَمْ يَسْتَشِرْ فِي الْأُمُورِ لَمْ يَصِلْ إِلَى حَاجَتِهِ، وَمَنْ لَمْ يُدَارِ أَهْلَهُ ذَهَبَتْ لَذَّةُ عَيْشِهِ

١٥٣ - وَرَوَى الشَّعْبِيُّ , عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ , قَالَ: «رَحِمَ اللَّهُ وَالِدًا أَعَانَ وَلَدَهُ عَلَى بِرِّهِ» يَعْنِي لَا يَأْمُرُهُ بِأَمْرٍ يَخَافُ مِنْهُ أَنْ يَعْصِيَهُ فِيهِ.

وَرُوِيَ عَنْ بَعْضِ الصَّالِحِينَ أَنَّهُ كَانَ لَا يَأْمُرُ ابْنَهُ بِأَمْرٍ، وَكَانَ إِذَا احْتَاجَ إِلَى شَيْءٍ يَأْمُرُ غَيْرَهُ.

فَسُئِلَ عَنْ ذَلِكَ فَقَالَ: إِنِّي أَخَافُ أَنِّي لَوْ أَمَرْتُ ابْنِي بِذَلِكَ يَعْصِينِي فِي ذَلِكَ، فِيَسْتَوْجِبَ النَّارَ، وَأَنَا لَا أُحْرِقُ ابْنِي بِالنَّارِ.

وَرُوِيَ عَنْ خَلَفِ بْنِ أَيُّوبَ نَحْوَ هَذَا.

وَقَالَ الْفُضَيْلُ بْنُ عِيَاضٍ رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى.

تَمَامُ الْمُرُوءَةِ مِنْ بَرَّ وَالِدَيْهِ وَوَصَلَ رَحِمَهُ وَأَكْرَمَ إِخْوَانَهُ وَحَسُنَ خُلُقُهُ مَعَ أَهْلِهِ وَوَلَدِهِ وَخَدَمِهِ، وَأَحْرَزَ دِينَهُ وَأَصْلَحَ مَالَهُ وَأَنْفَقَ مِنْ فَضْلِهِ وَحَفِظَ لِسَانَهُ وَلَزِمَ بَيْتَهُ.

يَعْنِي يَكُونُ مُقْبِلًا عَلَى عَمَلِهِ وَلَا يَجْلِسُ مَعَ أَهْلِ الْفُضُولِ.

١٥٤ - وَرُوِيَ عَنْ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ , أَنَّهُ قَالَ: " أَرْبَعٌ مِنْ سَعَادَةِ الْمَرْءِ: أَنْ تَكُونَ زَوْجَتُهُ صَالِحَةً، وَأَوْلَادُهُ أَبْرَارًا، وَخُلَطَاؤُهُ صَالِحِينَ، وَأَنْ يَكُونَ رِزْقُهُ فِي بَلَدِهِ "

<<  <   >  >>