٢٤٥ - وَرَوَى الشَّعْبِيُّ أَنَّ رَجُلًا أَرَادَ أَنْ يُسْلِمَ ابْنَهُ إِلَى عَمَلٍ، فَاسْتَشَارَ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فِي ذَلِكَ فَقَالَ لَهُ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: «لَا تُسْلِمْهُ إِلَى حَنَّاطٍ يَبِيعُ الْحِنْطَةَ، وَلَا إِلَى جَزَّارٍ وَلَا إِلَى مَنْ يَبِيعُ الْأَكْفَانَ» .
أَمَّا الْحَنَّاطُ فَلَأَنْ يَلْقَى اللَّهَ تَعَالَى زَانِيًا، أَوْ شَارِبَ خَمْرٍ خَيْرٌ لَهُ مِنْ أَنْ يَلْقَى اللَّهَ تَعَالَى وَهُوَ قَدْ حَبَسَ الطَّعَامَ أَرْبَعِينَ لَيْلَةً، وَأَمَّا الْجَزَّارُ فَإِنَّهُ يَذْبَحُ حَتَّى تَذْهَبَ الرَّحْمَةُ مِنْ قَلْبِهِ، وَأَمَّا بَائِعُ الْأَكْفَانِ فَإِنَّهُ يَتَمَنَّى لِأُمَّتِي الْمَوْتَ، وَالْمَوْلُودُ مِنْ أُمَّتِي أَحَبُّ إِلَيَّ مِنَ الدُّنْيَا وَمَا فِيهَا.
الْحِكْرَةُ أَنْ يَشْتَرِيَ الطَّعَامَ فِي مِصْرِهِ وَيَحْبِسَهُ عَنِ الْبَيْعِ، وَلِلنَّاسِ حَاجَةٌ إِلَيْهِ، فَهَذَا هُوَ الِاحْتِكَارُ الَّذِي نُهِيَ عَنْهُ، وَأَمَّا إِذَا دَخَلَ لَهُ الطَّعَامُ مِنْ ضِيَعِهِ، أَوْ جُلِبَ مِنْ مِصْرٍ آخَرَ، فَإِنَّهُ لَا يَكُونُ احْتِكَارًا؛ وَلَكِنْ لَوْ كَانَ لِلنَّاسِ إِلَيْهِ حَاجَةٌ فَالْأَفْضَلُ أَنْ يَبِيعَهُ.
وَفِي امْتِنَاعِهِ عَنْ ذَلِكَ يَكُونُ مُسِيئًا لِسُوءِ نِيَّتِهِ، وَقِلَّةِ شَفَقَتِهِ لِلْمُسْلِمِينَ.
فَيَنْبَغِي أَنْ يُجْبَرَ الْمُحْتَكِرُ عَلَى بَيْعِ الطَّعَامِ.
فَإِنِ امْتَنَعَ مِنْ ذَلِكَ فَإِنَّهُ يُعَزَّرُ وَيُؤَدَّبُ وَلَا يُسَعَّرُ عَلَيْهِ.
وَيُقَالُ لَهُ بِعْهُ كَمَا يَبِيعُ النَّاسُ.
٢٤٦ - وَرُوِيَ عَنْ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهِ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَنَّهُ قَالَ: «أَنَا لَا أُسعِّرُ فَإِنَّ اللَّهَ تَعَالَى هُوَ الْمُسَعِّرُ» .
٢٤٧ - وَرُوِيَ عَنْ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ , أَنَّهُ قَالَ: «الْغَلَاءُ وَالرُّخْصُ جُنْدَانِ مِنْ جُنُودِ اللَّهِ تَعَالَى، اسْمُ أَحَدِهِمَا الرَّغْبَةُ وَاسْمُ الْآخَرِ الرَّهْبَةُ، فَإِذَا أَرَادَ اللَّهُ تَعَالَى أَنْ يُرَخِّصَهُ، قَذَفَ الرَّهْبَةَ فِي قُلُوبِ الرِّجَالِ، فَأَخْرَجَهُ مِنْ أَيْدِيهِمْ فَرَخُصَ، وَإِذَا أَرَادَ اللَّهُ تَعَالَى أَنْ يُغَلِّيهِ، قَذَفَ الرَّغْبَةَ فِي قُلُوبِ الرِّجَالِ فَحَبَسُوهُ فِي أَيْدِيهِمْ» .
وَذُكِرَ فِي الْخَبَرِ أَنَّ عَابِدًا مِنْ عُبَّادِ بَنِي إِسْرَائِيلَ مَرَّ عَلَى كَثِيبٍ مِنَ الرَّمْلِ،
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute