قَالَ الْحَكِيمُ: أَرْبَعَةٌ طَلَبْنَاهَا فَأْخَطَأْنَا طُرُقَهَا: طَلَبْنَا الْغِنَى فِي الْمَالِ، فَإِذَا هُوَ فِي الْقَنَاعَةِ، وَطَلَبْنَا الرَّاحَةَ فِي الْكَثْرَةِ فَإِذَا هِيَ فِي الْقِلَّةِ، وَطَلَبْنَا الْكَرَامَةَ فِي الْخُلُقِ، فَإِذَا هِيَ فِي التَّقْوَى، وَطَلَبْنَا النِّعْمَةَ فِي الطَّعَامِ وَاللِّبَاسِ، فَإِذَا هِيَ فِي السَّتْرِ وَالْإِسْلَامِ.
يَعْنِي فِيمَا يَسْتُرُ اللَّهُ مِنَ الْعُيُوبِ وَالذُّنُوبِ.
٣٢٠ - وَرُوِيَ عَنْ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ , أَنَّهُ قَالَ: " مَنْ أَصْبَحَ وَالدُّنْيَا أَكْبَرُ هَمِّهِ يُلْزِمُ اللَّهُ تَعَالَى قَلْبَهُ ثَلَاثَ خِصَالٍ: هَمًّا لَا يَنْقَطِعُ عَنْهُ أبدًا، وَشُغْلًا لَا يَتَفَرَّغُ مِنْهُ أَبَدًا، وَفَقْرًا لَا يَبْلُغُ مُنْتَهَاهُ أَبَدًا ".
وَرُوِيَ عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ مَسْعُودٍ رَضِيَ اللَّهُ تَعَالَى عَنْهُ , أَنَّهُ قَالَ: مَا أَحَدٌ أَصْبَحَ الْيَوْمَ فِي النَّاسِ إِلَّا وَهُوَ ضَيْفٌ، وَمَالُهُ عَارِيَةٌ.
فَالضَّيْفُ مُرْتَحِلٌ وَالْعَارِيَةُ مُؤَدَّاةٌ.
قَالَ الْفُضَيْلُ بْنُ عِيَاضٍ رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى: جُعِلَ الشَّرُّ كُلُّهُ فِي بَيْتٍ وَاحِدٍ، وَجُعِلَ مِفْتَاحُهُ حُبُّ الدُّنْيَا، وَجُعِلَ الْخَيْرُ كُلُّهُ فِي بَيْتٍ وَاحِدٍ، وَجُعِلَ مِفْتَاحُهُ الزُّهْدُ فِي الدُّنْيَا
٣٢١ - وَرَوَى ثَابِتٌ , عَنْ أَنَسِ بْنِ مَالِكٍ رَضِيَ اللَّهُ تَعَالَى عَنْهُ , عَنْ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ , أَنَّهُ قَالَ: " قَالَ اللَّهُ تَعَالَى: يَفْرَحُ عَبْدِيَ الْمُؤْمِنُ إِذَا بَسَطْتُ لَهُ شَيْئًا مِنَ الدُّنْيَا.
وَذَلِكَ أَبْعَدُ لَهُ مِنِّي وَيَحْزَنُ إِذَا أَقْتَرْتُ عَلَيْهِ الدُّنْيَا.
وَذَلِكَ أَقْرَبُ لَهُ مِنِّي ".
ثُمَّ تَلَا رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ هَذِهِ الْآيَةَ: {أَيَحْسَبُونَ أَنَّمَا نُمِدُّهُمْ بِهِ مِنْ مَالٍ وَبَنِينَ {٥٥} نُسَارِعُ لَهُمْ فِي الْخَيْرَاتِ بَلْ لا يَشْعُرُونَ} [المؤمنون: ٥٥-٥٦] ، أَيْ لَا يَعْلَمُونَ أَنَّ ذَلِكَ فِتْنَةٌ لَهُمْ
٣٢٢ - وَعَنْ أَنَسِ بْنِ مَالِكٍ رَضِيَ اللَّهُ تَعَالَى عَنْهُ , قَالَ: خَرَجَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَوْمًا وَهُوَ آخِذٌ بِيَدِ أَبِي ذَرٍّ فَقَالَ: «يَا أَبَا ذَرٍّ إِنَّ بَيْنَ يَدَيْكَ عَقَبَةً كَؤُدًا، وَلَا يَصْعَدُهَا إِلَّا الْمُخِفُّونَ» .
قَالَ يَا رَسُولَ اللَّهِ: أَنَا مِنَ الْمُخِفِّينَ أَوْ مِنَ الْمُثَقِّلِينَ؟ قَالَ: «أَعِنْدَكَ طَعَامُ يَوْمِكَ» قَالَ: نَعَمْ.
قَالَ: «وَطَعَامُ غَدٍ» ؟ قَالَ: نَعَمْ.
قَالَ: «وَطَعَامُ بَعْدَ غَدٍ» ؟ قَالَ: لَا.
قَالَ: «فَلَوْ كَانَ عِنْدَكَ ثَلَاثَةَ أَيَّامٍ كُنْتَ مِنَ الْمُثَقِّلِينَ» .