للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

دِرْهَمَ لَهُ وَلَا دِينَارَ وَلَا مَتَاعَ.

قَالَ: «فَإِنَّ الْمُفْلِسَ مِنْ أُمَّتِي، الَّذِي يَأْتِي يَوْمَ الْقِيَامَةِ بِصَلَاتِهِ، وَزَكَاتِهِ، وَصِيَامِهِ، وَيَأْتِي قَدْ شَتَمَ هَذَا، وَقَذَفَ هَذَا، وَأَكَلَ مَالَ هَذَا، وَسَفَكَ دَمَ هَذَا، وَضَرَبَ هَذَا، فَيُعْطِي هَذَا مِنْ حَسَنَاتِهِ، وَهَذَا مِنْ حَسَنَاتِهِ، فَإِنْ فَنِيَتْ حَسَنَاتُهُ قَبْلَ أَنْ يَقْضِيَ مَا عَلَيْهِ، أُخِذَ مِنْ خَطَايَاهُمْ، وَطُرِحَتْ عَلَيْهِ، ثُمَّ طُرِحَ فِي النَّارِ»

وَذُكِرَ عَنْ أَبِي مَيْسَرَةَ , قَالَ: أُتِيَ بِسَوْطٍ إِلَى رَجُلٍ فِي قَبْرِهِ، بَعْدَمَا دُفِنَ، فَجَاءَاهُ، يَعْنِي مُنْكَرًا وَنَكِيرًا، فَقَالَا لَهُ إِنَّا ضَارِبَاكَ مِائَةَ سَوْطٍ فَقَالَ الْمَيِّتُ: إِنِّي كُنْتُ كَذَا وَكَذَا، فَتَشَفَّعَ حَتَّى حَطَّا عَنْهُ عَشْرًا، ثُمَّ لَمْ يَزَلْ بِهِمَا حَتَّى صَارَ إِلَى ضَرْبَةٍ وَاحِدَةٍ.

فَقَالَا: إِنَّا ضَارِبَاكَ ضَرْبَةً فَضَرَبَاهُ وَاحِدَةً فَالْتَهَبَ الْقَبْرُ نَارًا، فَقَالَ: لِمَ ضَرَبْتُمَانِي؟ فَقَالَا: مَرَرْتَ بِرَجُلٍ مَظْلُومٍ فَاسْتَغَاثَ بِكَ فَلَمْ تُغِثْهُ، فَهَذَا حَالُ الَّذِي لَمْ يُغِثِ الْمَظْلُومَ، فَكَيْفَ يَكُونُ حَالُ الظَّالِمِ.

قَالَ مَيْمُونُ بْنُ مِهْرَانَ: إِنَّ الرَّجُلَ يَقْرَأُ الْقُرْآنَ وَهُوَ يَلْعَنُ نَفْسَهُ.

قِيلَ لَهُ: وَكَيْفَ يَلْعَنُ نَفْسَهُ؟ قَالَ: يَقُولُ: {أَلا لَعْنَةُ اللَّهِ عَلَى الظَّالِمِينَ} [هود: ١٨] ، وَهُوَ ظَالِمٌ؟ لَيْسَ شَيْءٌ مِنَ الذُّنُوبِ أَعْظَمُ مِنَ الظُّلْمِ، لِأَنَّ الذَّنْبَ إِذَا كَانَ بَيْنَكَ وَبَيْنَ اللَّهِ تَعَالَى، فَإِنَّ اللَّهَ تَعَالَى كَرِيمٌ يَتَجَاوَزُ عَنْكَ، فَإِذَا كَانَ الذَّنْبُ بَيْنَكَ وَبَيْنَ الْعِبَادِ، فَلَا حِيلَةَ لَكَ سِوَى رِضَا الْخَصْمِ، فَيَنْبَغِي لِلظَّالِمِ أَنْ يَتُوبَ عَنِ الظُّلْمِ، وَيَتَحَلَّلَ مِنَ الْمَظْلُومِ فِي الدُّنْيَا، فَإِذَا لَمْ يَقْدِرْ عَلَيْهِ، فَيَنْبَغِي أَنْ يَسْتَغْفِرَ، وَيَدْعُو لَهُ، فَإِنَّهُ يُرْجَى أَنَّهُ يُحَلِّلَهُ بِذَلِكَ.

قَالَ مَيْمُونُ بْنُ مِهْرَانَ: إِنَّ الرَّجُلَ إِذَا ظَلَمَ إِنْسَانًا فَأَرَادَ أَنْ يَتَحَلَّلَ مِنْهُ فَفَاتَهُ وَلَمْ يَقْدِرْ عَلَيْهِ، فَاسْتَغْفَرَ اللَّهَ تَعَالَى لَهُ فِي دُبُرِ صَلَاته خَرَجَ مِنْهُ مَظْلَمَتُهُ وَعَنِ ابْنِ مَسْعُودٍ رَضِيَ اللَّهُ تَعَالَى عَنْهُ: قَالَ: مَنْ أَعَانَ ظَالِمًا عَلَى ظُلْمِهِ، أَوْ لَقَّنَهُ حُجَّةً يَدْحَضُ بِهَا حَقَّ امْرِئٍ مُسْلِمٍ، فَقَدْ جَاءَ بِغَضَبٍ مِنَ اللَّهِ تَعَالَى وَعَلَيْهِ وِزْرُهَا وَعَنْ عُمَرَ رَضِيَ اللَّهُ تَعَالَى عَنْهُ , أَنَّهُ قَالَ لِلْأَحْنَفِ بْنِ قَيْسٍ: مَنْ أَجْهَلُ النَّاسِ؟ قَالَ الْأَحْنَفُ: مَنْ بَاعَ آخِرَتَهُ بِدُنْيَاهُ.

<<  <   >  >>