وَالثَّالِثُ: عَالَمٌ بِأَمْرِ اللَّهِ وَلَيْسَ بِعَالِمٍ بِاللَّهِ، فَأَمَّا الْعَالِمُ بِاللَّهِ، وَبِأَمْرِ اللَّهِ، فَالَّذِي يَخْشَى اللَّهَ، وَيَعْلَمُ الْحُدُودَ، وَالْفَرَائِضَ، وَأَمَّا الْعَالِمُ بِاللَّهِ، وَلَيْسَ بِعَالِمٍ بِأَمْرِ اللَّهِ، فَالَّذِي يَخْشَى اللَّهَ وَلَا يَعْلَمُ الْحُدُودَ وَالْفَرَائِضَ، وَأَمَّا الْعَالِمُ بِأَمْرِ اللَّهِ، وَلَيْسَ بِعَالِمٍ بِاللَّهِ، فَالَّذِي يَعْلَمُ الْحُدُودَ وَالْفَرَائِضَ وَلَا يَخْشَى اللَّهَ.
قَالَ الْفَقِيهُ رَضِيَ اللَّهُ تَعَالَى عَنْهُ سَمِعْتُ أَبِي رَحِمَهُ اللَّهُ , قَالَ: سَمِعْتُ مُحَمَّدُ بْنَ جَنَاحٍ , قَالَ: قَالَ أَبُو حَفْصٍ: «يُزَادُ لِلْعَالِمِ عَشَرَةُ أَشْيَاءَ الْحِسْبَةُ، وَالْخَشْيَةُ، وَالنَّصِيحَةُ، وَالشَّفَقَةُ، وَالِاحْتِمَالُ، وَالصَّبْرُ، وَالْحِلْمُ، وَالتَّوَاضُعُ، وَالْعِفَّةُ فِي أَمْوَالِ النَّاسِ، وَالدَّوَامُ عَلَى النَّظَرِ فِي الْكُتُبِ، وَقِلَّةُ الْحِجَابِ، وَأَنْ يَكُونَ بَابُهُ مَفْتُوحًا لِلْوَضِيعِ وَالشَّرِيفِ، فَإِنَّهُ بَلَغَنَا أَنَّ دَاوُدَ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ إِنَّمَا ابْتُلِيَ مِنْ شِدَّةِ الْحِجَابِ»
قَالَ أَبُو حَفْصٍ: عَشْرَةُ أَشْيَاءَ قَبِيحَةٌ فِي عَشْرَةِ أَصْنَافٍ مِنَ النَّاسِ: الْحِدَّةُ فِي السُّلْطَانِ، وَالْبُخْلُ فِي الْأَغْنِيَاءِ، وَالطَّمَعُ فِي الْعُلَمَاءِ، وَالْحِرْصُ فِي الْفُقَرَاءِ، وَقِلَّةُ الْحَيَاءِ فِي ذَوِي الْأَحْسَابِ، وَالْفُتُوَّةُ فِي الشُّيُوخِ، وَتَشَبُّهُ الرِّجَالِ بِالنِّسَاءِ، وَالنِّسَاءِ بِالرِّجَالِ وَإِتْيَانُ الزُّهَّادِ أَبْوَابَ أَهْلِ الدُّنْيَا وَالْجَهْلُ فِي الْعِبَادَةِ قَالَ فُضَيْلُ بْنُ عِيَاضٍ رَحِمَهُ اللَّهُ: إِذَا كَانَ الْعَالِمُ رَاغِبًا فِي الدُّنْيَا حَرِيصًا عَلَيْهَا، فَإِنَّ مُجَالَسَتَهُ تَزِيدُ الْجَاهِلَ جَهْلًا وَالْفَاجِرَ فُجُورًا، وَتُقْسِي قَلْبَ الْمُؤْمِنِ.
وَقَالَ بَعْضُ الْحُكَمَاءِ: كَلَامُ الْحُكَمَاءِ لَهْوُ السُّفَهَاءِ، وَكَلَامُ السُّفَهَاءِ عِبْرَةُ الْحُكَمَاءِ.
قَالَ الْفَقِيهُ رَضِيَ اللَّهُ تَعَالَى عَنْهُ: يَعْنِي أَنَّ السُّفَهَاءَ إِذَا سَمِعُوا كَلَامَ الْحُكَمَاءِ يَسْتَظْرِفُونَ كَلَامَهُمْ، فَيَكُونُ بِمَنْزِلَةِ اللَّهْوِ لَهُمْ، وَأَمَّا الْحُكَمَاءُ إِذَا سَمِعُوا كَلَامَ السُّفَهَاءِ، فَيَرَوْنَ قُبْحَ ذَلِكَ الْكَلَامِ، فَيَعْتَبِرُونَ بِهِ.
وَيَحْتَرِزُونَ عَنْ مِثْلِ ذَلِكَ.
وَيُقَالُ: هِمَّةُ السُّفَهَاءِ الِاسْتِمَاعُ، وَهِمَّةُ الْعُلَمَاءُ الرِّوَايَةُ، وَهِمَّةُ الزُّهَّادِ الرِّعَايَةُ يَعْنِي يَتَعَاهَدُونَ بِمَا فِيهِ وَيَعْمَلُونَ بِهِ، وَبِاللَّهِ التَّوْفِيقُ.
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute