وَالسَّادِسُ: حِينَ فَرَغُوا مِنَ الطَّعَامِ قَالُوا: {الْحَمْدُ لِلَّهِ رَبِّ الْعَالَمِينَ} [الفاتحة: ٢] .
قَالَ بَعْضُ الْحُكَمَاءِ اشْتَغَلْتُ بِشُكْرِ أَرْبَعَةِ أَشْيَاءَ: أَوَّلُهَا أَنَّ اللَّهَ تَعَالَى خَلَقَ أَلْفَ صِنْفٍ مِنَ الْخَلْقِ، وَرَأَيْتُ بَنِي آدَمَ أَكْرَمَ الْخَلْقِ، فَجَعَلَنِي مِنْ بَنِي آدَمَ.
وَالثَّانِي: فَضَّلَ الرِّجَالَ عَنِ النِّسَاءِ، فَجَعَلَنِي مِنَ الرِّجَالِ.
وَالثَّالِثُ: رَأَيْتُ الْإِسْلَامَ أَفْضَلَ الْأَدْيَانِ وَأَحَبَّهَا إِلَى اللَّهِ تَعَالَى، فَجَعَلَنِي مُسْلِمًا.
وَالرَّابِعُ: رَأَيْتُ أُمَّةَ مُحَمَّدٍ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَفْضَلَ الْأُمَمِ، فَجَعَلَنِي مِنْ أُمَّةِ مُحَمَّدٍ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ.
٦٩٣ - وَرُوِيَ عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ رَضِيَ اللَّهُ تَعَالَى عَنْهُ، أَنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ , قَالَ: " إِنَّ اللَّهَ تَعَالَى خَلَقَ الْخَلْقَ حِينَ خَلَقَهُمْ، وَهُمْ أَرْبَعَةُ أَصْنَافٍ: الْمَلَائِكَةُ وَالْجِنُّ، وَالْإِنْسُ، وَالشَّيَاطِينُ، وَجَعَلَهُمْ عَشَرَةَ أَجْزَاءٍ، تِسْعَةٌ مِنْهُمُ الْمَلَائِكَةُ، وَجُزْءٌ وَاحِدٌ الْجِنُّ، وَالْإِنْسُ، وَالشَّيَاطِينُ " وَيُقَالُ: الْخَلْقُ عَشَرَةُ أَجْزَاءٍ، تِسْعَةٌ مِنْهَا الشَّيَاطِينُ وَالْجِنُّ، وَوَاحِدٌ مِنْهَا الْإِنْسُ، ثُمَّ جَعَلَ الْإِنْسَ مِائَةً وَخَمْسًا وَعِشْرِينَ صِنْفًا.
فَالْمِائَةُ مِنْهَا يَأْجُوجُ، وَمَأْجُوجُ، وَسَاتُوجُ، وَمَالُوقُ، وَغَيْرُهُمْ، وَكُلُّهُمْ كُفَّارٌ، وَمَصِيرُهُمْ إِلَى النَّارِ، وَخَمْسَةٌ وَعِشْرُونَ سَائِرُ الْخَلْقِ وَاثْنَا عَشَرَ مِنْ ذَلِكَ الرُّومُ، وَالْخَزَرُ، وَالسَّقْلَابُ وَنَحْوَهَا، وَسِتَّةٌ فِي الْمَغْرِبِ، الزُّطُّ، وَالْحَبَشُ، وَالزِّنْجُ وَنَحْوَهَا، وَسِتَّةٌ بِالْمَشْرِقِ، التُّرْكُ وَالْخَاقَانُ، وَغَزُّ وَتَغْرُ، وَخَلِنْجُ، وَكِيمَاكُ، وَيَمَكُ فَهَؤُلَاءِ كُلُّهُمْ فِي النَّارِ، إِلَّا مَنْ أَسْلَمَ وَبَقِيَ صِنْفٌ وَاحِدٌ مِنَ الْمُسْلِمِينَ مِنْ مِائَةٍ وَخَمْسَةٍ وَعِشْرِينَ صِنْفًا، فَالْوَاجِبُ عَلَى كُلِّ مَنْ كَانَ مُؤْمِنًا، أَنْ يَحْمَدَ اللَّهَ تَعَالَى عَلَى هَذَا، وَيَعْرِفَ نِعْمَتَهُ، وَيَعْلَمَ أَنَّ اللَّهَ تَعَالَى قَدِ اخْتَارَهُ مِنْ جُمْلَةِ الْخَلْقِ، وَجَعَلَهُ مِنْ صِنْفِ الْمُؤْمِنِينَ، ثُمَّ جَعَلَ الصِّنْفَ الْوَاحِدَ مِنَ الْمُسْلِمِينَ عَلَى ثَلَاثَةٍ وَسَبْعِينَ صِنْفًا، اثْنَانِ وَسَبْعُونَ مِنْ ذَلِكَ، فِي أَهْوَاءَ مُخْتَلِفَةٍ كُلُّهُمْ عَلَى الضَّلَالَةِ وَوَاحِدٌ عَلَى سَبِيلِ السُّنَّةِ.
وَيُقَالُ: الشُّكْرُ عَلَى وَجْهَيْنِ: شُكْرٌ عَامٌّ، وَشُكْرٌ خَاصٌّ، فَأَمَّا الشُّكْرُ الْعَامُّ فَهُوَ الْحَمْدُ بِاللِّسَانِ، وَأَنْ يَعْتَرِفَ بِالنِّعْمَةِ مِنَ اللَّهِ تَعَالَى.
وَأَمَّا الشُّكْرُ الْخَاصُّ، فَالْحَمْدُ بِاللِّسَانِ، وَالْمَعْرِفَةُ بِالْقَلْبِ، وَالْخِدْمَةُ بِالْأَرْكَانِ، وَحِفْظُ اللِّسَانِ، وَسَائِرِ الْجَوَارِحِ عَمَّا لَا يَحِلُّ.
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute