بِأَرْبَعَةِ أَرْكَانٍ: الْيَقِينُ، وَالْعَدْلُ، وَالصَّبْرُ، وَالْجِهَادُ، وَالْعُلَمَاءُ فَسَّرُوا هَذِهِ الْأَرْبَعَةَ أَشْيَاءَ فَقَالُوا: أَمَّا الْيَقِينُ فَهُوَ عَلَى وَجْهَيْنِ: أَحَدُهُمَا: أَنْ يَعْمَلَ لِلَّهِ خَالِصًا، وَلَا يَطْلُبَ بِهِ عَرَضَ الدُّنْيَا، وَلَا رِضَا الْمَخْلُوقِينَ، وَالثَّانِي: أَنْ يَكُونَ آمِنًا بِوَعْدِ اللَّهِ وَهُوَ الرِّزْقُ.
وَأَمَّا الْعَدْلُ فَهُوَ عَلَى وَجْهَيْنِ: أَحَدُهُمَا: أَنَّهُ لَوْ كَانَ عَلَيْهِ حَقٌّ يُؤَدِّيهِ قَبْلَ الطَّلَبِ، وَالثَّانِي: إِذَا كَانَ لَهُ عَلَى غَيْرِهِ حَقٌّ يَرْفُقُ بِطَلَبِهِ، وَأَمَّا الصَّبْرُ فَهُوَ عَلَى وَجْهَيْنِ: أَحَدُهُمَا: أَنْ يَصْبِرَ عَلَى أَدَاءِ فَرَائِضِ اللَّهِ تَعَالَى، وَالثَّانِي: أَنْ يَصْبِرَ عَمَّا نَهَاهُ اللَّهُ تَعَالَى عَنْهُ، وَأَمَّا الْجِهَادُ فَهُوَ عَلَى وَجْهَيْنِ: أَحَدُهُمَا: أَنْ لَا تَغْفُلَ عَنْ عَدُوِّكَ، وَهُوَ الشَّيْطَانُ، فَإِنَّكَ إِنْ غَفَلْتَ عَنْهُ، فَإِنَّهُ لَمْ يَغْفُلْ عَنْكَ، فَهُوَ كَالذِّئْبِ إِذَا وَقَعَ فِي الْغَنَمِ فَكُلُّ شَاةٍ غَفَلْتَ عَنْهَا أَخَذَهَا.
وَالثَّانِي: إِنَّ أَكْثَرَ فِتْنَةَ بَنِي آدَمَ لِأَجْلِ الْمَالِ فَارْضَ بِالْيَسِيرِ مِنَ الْمَالِ لِكَيْلَا يَغُرَّكَ.
وَرُوِيَ عَنْ شَقِيقٍ رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى , أَنَّهُ قَالَ لِحَاتِمٍ الْأَصَمِّ رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى: مُنْذُ كَمْ تَخْتَلِفُ إِلَيَّ؟ قَالَ: مُنْذُ ثَلَاثِينَ سَنَةً.
فَقَالَ لَهُ شَقِيقٌ: أَيُّ شَيْءٍ تَعَلَّمْتَ فِي هَذِهِ الثَّلَاثِينَ سَنَةً؟ قَالَ: تَعَلَّمْتُ سِتَّ كَلِمَاتٍ، فَلَوْ عَمِلْتُ بِهَا لَرَجَوْتُ أَنْ تُنْجِيَنِي مِنْ فِتْنَةِ الدُّنْيَا.
فَقَالَ لَهُ شَقِيقٌ: أَخْبِرْنِي عَنْ ذَلِكَ.
فَلَعَلِّي أَعْمَلُ بِهِنَّ فَأَنْجُوَ بِذَلِكَ.
فَقَالَ: أَمَّا الْأُولَى: نَظَرْتُ فِي قَوْلِ اللَّهِ تَعَالَى: {وَمَا مِنْ دَابَّةٍ فِي الأَرْضِ إِلا عَلَى اللَّهِ رِزْقُهَا} [هود: ٦] ، فَرَأَيْتُ نَفْسِي مِنْ تِلْكَ الدَّوَابِّ الَّتِي رَزَقَهَا اللَّهُ تَعَالَى، وَعَلِمْتُ أَنَّ مَا هُوَ لِي فَإِنَّهُ يَصِلُ إِلَيَّ، فَإِنَّ اللَّهَ تَعَالَى يَرْزُقُ الْفِيلَ مَعَ عِظَمِهِ، وَلَا يَنْسَى الْبَعُوضَةَ لِصِغَرِهَا، فَفَوَّضْتُ أَمْرِي إِلَى اللَّهِ، فَاشْتَغَلْتُ بِالْعِبَادَةِ، وَلَا أَهْتَمُّ لِغَيْرِهَا فَقَالَ لَهُ شَقِيقٌ: نِعْمَ مَا فَهِمْتَ، فَمَا الثَّانِيَةُ؟ قَالَ: نَظَرْتُ فِي قَوْلِ اللَّهِ تَعَالَى: {إِنَّمَا الْمُؤْمِنُونَ إِخْوَةٌ} [الحجرات: ١٠] ، فَرَأَيْتُ
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute