أَوْ فِي زَمَانِي، فَلَمَّا تُوُفِّيَ عُمَرُ رَضِيَ اللَّهُ تَعَالَى عَنْهُ، وَوَلِيَ عُثْمَانُ رَضِيَ اللَّهُ تَعَالَى عَنْهُ، قَالَ عَبْدُ اللَّهِ بْنُ عَبَّاسٍ رَضِيَ اللَّهُ تَعَالَى عَنْهُمَا: كُنْتُ قَاعِدًا عِنْدَ عُثْمَانَ رَضِيَ اللَّهُ تَعَالَى عَنْهُ، فَاسْتَأْذَنَ أَبُو ذَرٍّ رَضِيَ اللَّهُ تَعَالَى عَنْهُ، فَقُلْتُ: يَا أَمِيرَ الْمُؤْمِنِينَ هَذَا أَبُو ذَرٍّ يَسْتَأْذِنُ، قَالَ: ائْذَنْ لَهُ إِنْ شِئْتَ.
قَالَ: فَأَذِنْتُ لَهُ، فَدَخَلَ حَتَّى جَلَسَ، فَقَالَ لَهُ عُثْمَانُ: أَنْتَ الَّذِي تَزْعُمُ أَنَّكَ خَيْرٌ مِنْ أَبِي بَكْرٍ وَعُمَرَ رَضِيَ اللَّهُ تَعَالَى عَنْهُمَا.
قَالَ: مَا قُلْتُ هَذَا.
قَالَ: أَنَا أُقِيمُ عَلَيْكَ الْبَيِّنَةَ.
قَالَ أَبُو ذَرٍّ: نَضَّرَ اللَّهُ وَجْهَكَ لَا أَدْرِي مَا بَيِّنَتُكَ، وَقَدْ عَرَفْتَ كَيْفَ قُلْتُ، قَالَ: فَكَيْفَ قُلْتَ، قَالَ: قُلْتُ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: «إِنَّ أَحَبَّكُمْ إِليَّ وَأَقْرَبَكُمْ مِنِّي الَّذِي يَأْخُذُ بِالْعَهْدِ الَّذِي تَرَكْتُهُ عَلَيْهِ حَتَّى يَلْحَقَنِي وَكُلُّكُمْ قَدْ أَصَابَ مِنَ الدُّنْيَا» .
قَالَ عُثْمَانُ رَضِيَ اللَّهُ تَعَالَى عَنْهُ: الْحَقْ بِمُعَاوِيَةَ فَأَخْرِجْهُ إِلَى الشَّامِ، فَلَمَّا قَدِمَ إِلَى الشَّامِ أَخَذَ يُعَلِّمُ النَّاسَ، فَأَبْكَى عُيُونَهُمْ وَأَحْزَنَ صُدُورَهُمْ، وَكَانَ فِيمَا يَقُولُ: لَا يَبِيتَنَّ أَحَدُكُمْ وَفِي بَيْتِهِ دِينَارٌ وَلَا دِرْهَمٌ إِلَّا شَيْءٌ يُنْفِقُهُ فِي سَبِيلِ اللَّهِ، أَوْ يُعِدُّهُ لِغَرِيمٍ، فَأَبْكَى مُعَاوِيَةَ وَالنَّاسَ، فَبَعَثَ إِلَيْهِ بِأَلْفِ دِينَارٍ فَأَرَادَ أَنْ يُخَالِفَ قَوْلُهُ فِعْلَهُ، وَسَرِيرَتُهُ عَلَانِيَتَهُ، فَأَخَذَ الْأَلْفَ وَقَسَّمَهُ كُلَّهُ فَلَمْ يَبْقَ عِنْدَهُ شَيْءٌ، فَدَعَا مُعَاوِيَةُ الرَّسُولَ فِي الْيَوْمِ الثَّانِي، فَقَالَ لَهُ: اذْهَبْ إِلَى أَبِي ذَرٍّ وَقُلْ لَهُ: إِنَّمَا أَرْسَلَنِي بِالْأَلْفِ دِينَارٍ إِلَى غَيْرِكَ فَأَخْطَأْتُ بِهِ إِلَيْكَ، فَجَاءَهُ الرَّسُولُ وَقَالَ لَهُ: أَنْقِذْنِي مِنْ عَذَابِ مُعَاوِيَةَ، فَإِنَّمَا أَرْسَلَنِي بِأَلْفٍ إِلَى غَيْرِكَ، فَأَخْطَأْتُ بِهِ، فَدَفَعْتُهُ إِلَيْكَ، فَقَالَ أَبُو ذَرٍّ لِلرَّسُولِ: أَقْرِئْ مُعَاوِيَةَ مِنِّي السَّلَامَ، وَقُلْ لَهُ: مَا أَصْبَحَ عِنْدَنَا مِنْ دَنَانِيرِكَ شَيْءٌ فَإِنْ أَرَدْتَهَا فَانْتَظِرْنَا ثَلَاثَةَ أَيَّامٍ نَجْمَعْهَا لَكَ، فَلَمَّا رَأَى مُعَاوِيَةَ أَنَّ فِعْلَهُ يُصَدِّقُ قَوْلَهُ، كَتَبَ إِلَى عُثْمَانَ رَضِيَ اللَّهُ تَعَالَى عَنْهُ قَالَ: إِنْ كَانَ لَكَ بِالشَّامِ حَاجَةٌ، فَأَرْسِلْ إِلَى أَبِي ذَرٍّ وَاسْتَدْعِهِ: قَالَ: فَكَتَبَ عُثْمَانُ رَضِيَ اللَّهُ تَعَالَى عَنْهُ: أَنِ الْحَقْ بِي قَالَ: فَقَدِمَ أَبُو ذَرٍّ، رَضِيَ اللَّهُ تَعَالَى عَنْهُ، وَعُثْمَانُ فِي الْمَسْجِدِ، فَأَقْبَلَ حَتَّى سَلَّمَ عَلَيْهِ، فَرَدَّ عَلَيْهِ السَّلَامَ، وَقَالَ لَهُ: كَيْفَ أَنْتَ يَا أَبَا ذَرٍّ؟ قَالَ: بِخَيْرٍ، فَكَيْفَ أَنْتُمْ؟ ثُمَّ خَرَجَ عُثْمَانُ رَضِيَ اللَّهُ تَعَالَى عَنْهُ، فَقَامَ أَبُو ذَرٍّ إِلَى سَارِيَةٍ فَصَلَّى رَكْعَتَيْنِ، ثُمَّ قَعَدَ، وَجَلَسَ إِلَيْهِ النَّاسُ، فَقَالُوا لَهُ: يَا أَبَا ذَرٍّ حَدِّثْنَا عَنْ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute