رَجُلٌ يَشْغَلُهُ مَعَادُهُ عَنْ مَعَاشِهِ، وَرَجُلٌ يَشْغَلُهُ مَعَاشُهُ عَنْ مَعَادِهِ، وَرَجُلٌ مُشْتَغِلٌ بِهِمَا جَمِيعًا، فَالْأَوَّلُ: دَرَجَةُ الْفَائِزِينَ الْعَابِدِينَ وَالثَّانِي: دَرَجَةُ الْهَالِكِينَ، وَالثَّالِثُ: دَرَجَةُ المُخَاطِرِينَ وَذُكِرَ عَنْ حَاتِمٍ الزَّاهِدِ , أَنَّهُ قَالَ: أَرْبَعَةٌ لَا يَعْرِفُ قَدْرَهَا إِلَّا أَرْبَعَةٌ قَدْرُ الشَّبَابِ لَا يَعْرِفُ قَدْرَهُ إِلَّا الشُّيُوخُ، وَلَا يَعْرِفُ قَدْرَ الْعَافِيَةِ إِلَّا أَهْلُ الْبَلَاءِ، وَلَا قَدْرَ الصِّحَّةِ إِلَّا الْمَرْضَى، لَا قَدْرَ الْحَيَاةِ إِلَّا الْمَوْتَى
٩٤٨ - قَالَ الْفَقِيهُ رَضِيَ اللَّهُ تَعَالَى عَنْهُ: هَذَا مُسْتَخْرَجٌ مِنْ خَبَرِ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: " اغْتَنِمْ خَمْسًا قَبْلَ خَمْسٍ: شَبَابَكَ قَبْلَ هَرَمِكَ، وَصِحَّتَكَ قَبْلَ سَقَمِكَ، وَغِنَاكَ قَبْلَ فَقْرِكَ، وَفَرَاغَكَ قَبْلَ شُغْلِكَ، وَحَيَاتَكَ قَبْلَ مَوْتِكَ " فَيَنْبَغِي لِلْإِنْسَانِ أَنْ يَعْرِفَ قَدْرَ حَيَاتِهِ، وَيَغْتَنِمَ كُلَّ سَاعَةٍ تَأْتِي عَلَيْهِ وَيَقُولَ لَا أَدْرِي كَيْفَ يَكُونُ حَالِي فِي سَاعَةٍ أُخْرَى، وَيَتَفَكَّرَ فِي نَدَامَةِ الْمَوْتَى وَإِنَّهُمْ يَتَمَنَّوْنَ الْحَيَاةَ مِقْدَارَ رَكْعَتَيْنِ، أَوْ مِقْدَارَ قَوْلِ لَا إِلَهَ إِلَّا اللَّهُ، وَإِنَّكَ قَدْ نِلْتَهَا، فَاجْتَهِدْ فِي عِبَادَةِ اللَّهِ تَعَالَى، قَبْلَ أَنْ يَأْتِيَكَ وَقْتُ النَّدَامَةِ وَالْحَسْرَةِ وَقِيلَ لِحَاتِمٍ رَضِيَ اللَّهُ تَعَالَى عَنْهُ، عَلَامَ بَنَيْتَ عَمَلَكَ؟ قَالَ: عَلَى أَرْبَعٍ: أَحَدُهَا: إِنِّي عَلِمْتُ أَنَّ لِي رِزْقًا لَا يُجَاوِزُنِي إِلَى غَيْرِي كَمَا لَا يُجَاوِزُ رِزْقُ أَحَدٍ إِلَيَّ فَوَثِقْتُ بِهِ.
وَالثَّانِي: عَلِمْتُ أَنَّ عَلَيَّ فَرْضًا لَا يُؤَدِّيهِ غَيْرِي، فَأَنَا مَشْغُولٌ بِهِ.
وَالثَّالِثُ: عَلِمْتُ أَنَّ رَبِّي يَرَانِي كُلَّ وَقْتٍ، فَأَسْتَحِي مِنْهُ.
وَالرَّابِعُ: عَلِمْتُ أَنَّ لِي أَجَلًا يُبَادِرُنِي، فَأَنَا أُبَادِرُهُ.
قَالَ الْفَقِيهُ رَضِيَ اللَّهُ تَعَالَى عَنْهُ: الْمُبَادَرَةُ إِلَى الْأَجَلِ، الِاسْتِعْدَادُ بِالْأَعْمَالِ الصَّالِحَةِ، وَالِامْتِنَاعُ عَمَّا نَهَى اللَّهُ، وَالتَّضَرُّعُ إِلَى اللَّهِ تَعَالَى لِكَيْ يُثَبِّتَهُ عَلَى ذَلِكَ، وَيَجْعَلَ خَاتِمَتَهُ فِي خَيْرٍ وَقَالَ بَعْضُ الْحُكَمَاءِ لَا يَجِدُ الرَّجُلُ حَلَاوَةَ الْعِبَادَةِ، حَتَّى يَدْخُلَ فِي الْعِبَادَةِ بِالنِّيَّةِ، وَيَرَى الْمِنَّةَ لِلَّهِ، وَيَعْمَلَ بِالْخَشْيَةِ، وَيُسَلِّمُهُ بِالْإِخْلَاصِ، لِأَنَّهُ إِذَا دَخَلَ فِيهِ بِالنِّيَّةِ، فَيَعْلَمَ أَنَّ اللَّهَ تَعَالَى قَدْ وَفَّقَهُ لِذَلِكَ الْعَمَلِ، وَإِذَا رَأَى لِلَّهِ عَلَيْهِ الْمِنَّةَ فَيَدْخُلَ فِيهِ بِالشُّكْرِ، فَكَانَ لَهُ مِنَ اللَّهِ الزِّيَادَةُ لِأَنَّ اللَّهَ تَعَالَى قَالَ: {لَئِنْ شَكَرْتُمْ لأَزِيدَنَّكُمْ وَلَئِنْ كَفَرْتُمْ إِنَّ عَذَابِي لَشَدِيدٌ}
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute