للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

إِلَى بَابِ مَوْلَاهُ، فَفَعَلَ وَكَانَتْ لَهُ ابْنَةٌ يُقَالُ لَهَا خِمْصَانَةُ، فَأَقْبَلَتْ تَقُودُ أَبَاهَا حَتَّى أَتَتْ بِهِ إِلَى بَابِ عُمَرَ رَضِيَ اللَّهُ تَعَالَى عَنْهُ، فَدَخَلَ عَلَيْهِ، فَقَالَ: لَامَسْتُ امْرَأَةَ أَخِي الْغَازِي فِي سَبِيلِ اللَّهِ فَهَلْ لِي مِنْ تَوْبَةٍ؟ فَقَالَ عُمَرُ: اخْرُجْ مِنْ عِنْدِي، فَقَدْ هَمَمْتُ أَنْ أَقُومَ إِلَيْكَ وَآخُذَ بِشَعْرِكَ، اخْرُجْ مِنْ عِنْدِي فَلَا تَوْبَةَ لَكَ عِنْدِي، فَانْطَلَقَ مِنْ عِنْدِهِ إِلَى بَابِ أَبِي بَكْرٍ رَضِيَ اللَّهُ تَعَالَى عَنْهُ، فَلَمَّا دَخَلَ قَالَ: لَامَسْتُ امْرَأَةَ أَخِي الْغَازِي فِي سَبِيلِ اللَّهِ، فَهَلْ لِي مِنْ تَوْبَةٍ؟ فَقَالَ أَبُو بَكْرٍ الصِّدِّيقُ رَضِيَ اللَّهُ تَعَالَى عَنْهُ: اخْرُجْ مِنْ عِنْدِي لَا تَحْرِقْنِي بِنَارِكَ، فَلَا تَوْبَةَ لَكَ عِنْدِي أَبَدًا، فَخَرَجَ مِنْ عِنْدِهِ إِلَى بَابِ عَلِيٍّ، رَضِيَ اللَّهُ تَعَالَى عَنْهُ، وَقَالَ: لَامَسْتُ امْرَأَةَ أَخِي الْغَازِي فِي سَبِيلِ اللَّهِ، فَهَلْ لِي مِنْ تَوْبَةٍ؟ فَقَالَ لَهُ: اخْرُجْ مِنْ عِنْدِي، فَلَا تَوْبَةَ لَكَ عِنْدِي أَبَدًا، فَخَرَجَ مِنْ عِنْدِهِ وَهُوَ يَقُولُ: يَا أَخِي وَيَا ابْنَتِي قَدْ آيَّسَنِي هَؤُلَاءِ النَّفَرُ، وَأَرْجُو أَنْ لَا يُؤَيِّسَنِي رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَأَتَتْ بِهِ ابْنَتُهُ إِلَى بَابِ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَلَمَّا دَخَلَ عَلَيْهِ نَظَرَ إِلَيْهِ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، فَقَالَ: «ذَكَّرْتَنِي سَلَاسِلَ جَهَنَّمَ وَأَغْلَالَهَا» ، فَقَالَ لَهُ: يَا نَبِيَّ اللَّهِ بِأَبِي أَنْتَ وَأُمِّي لَامَسْتُ امْرَأَةَ أَخِي الْغَازِي فِي سَبِيلِ اللَّهِ، فَهَلْ لِي مِنْ تَوْبَةٍ؟ فَقَالَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: «اخْرُجْ مِنْ عِنْدِي فَلَا تَوْبَةَ لَكَ عِنْدِي أَبَدًا» ، فَخَرَجَ، فَقَالَتْ لَهُ ابْنَتُهُ: يَا أَبَتِي لَسْتَ لِي بِوَالِدٍ، وَلَا أَنَا لَكَ بِابْنَةٍ، حَتَّى يَرْضَى عَنْكَ مُحَمَّدٌ وَأَصْحَابُهُ، عَلَيْهِ الصَّلَاةُ وَالسَّلَامُ، فَأَقْبَلَ ثَعْلَبَةُ هَارِبًا إِلَى الْجَبَلِ يُنَادِي بِأَعْلَى صَوْتِهِ: يَا رَبُّ أَتَيْتُ عُمَرَ فَأَرَادَ ضَرْبِي، وَأَتَيْتُ أَبَا بَكْرٍ فَانْتَهَرَنِي، وَأَتَيْتُ عَلَيًّا فَطَرَدَنِي، وَأَتَيْتُ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَآيَسَنِي، فَمَا أَنْتَ يَا مَوْلَايَ صَانِعٌ بِي، أَنْ تَقُولَ لِدُعَائِي نَعَمْ، أَوْ تَقُولَ لَا، فَإِنْ قُلْتَ لَا، فَيَا وَيْلَتَاهُ وَيَا شِقْوَتَاهُ وَيَا نَدَامَتَاهُ، وَإِنْ قُلْتَ نَعَمْ، فَطُوبَى لِي.

قَالَ: فَأَقْبَلَ مَلَكٌ مِنَ السَّمَاءِ وَهُوَ يَقُولُ لِلنَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَقُولُ اللَّهُ تَعَالَى: أَنْتَ خَالِقُ الْخَلْقِ أَوْ أَنَا؟ قَالَ: «بَلْ أَنْتَ يَا سَيِّدِي» .

قَالَ: يَقُولُ لَكَ الْجَبَّارُ تَبَارَكَ وَتَعَالَى: بَشِّرْ عَبْدِي أَنِّي قَدْ غَفَرْتُ لَهُ قَالَ: فَقَالَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: «مَنْ يَأْتِينِي بِثَعْلَبَةَ» ، قَالَ: فَقَامَ أَبُو بَكْرٍ وَعُمَرُ رَضِيَ اللَّهُ تَعَالَى عَنْهُمَا، فَقَالَا يَا رَسُولَ اللَّهِ نَحْنُ نَأْتِي بِهِ، فَقَامَ عَلِيٌّ وَسَلْمَانُ رَضِيَ اللَّهُ تَعَالَى عَنْهُمَا، فَقَالَا يَا رَسُولَ اللَّهِ: نَحْنُ نَأْتِي بِهِ فَأَذِنَ لِعَلِيٍّ وَسَلْمَانَ فَخَرَجَا، وَأَخَذَا فِي وِجْهَةٍ فَانْطَلَقَا فَإِذَا هُمَا بِرَاعٍ مِنْ رُعَاةٍ الْمَدِينَةِ، فَقَالَ لَهُ عَلِيٌّ كَرَّمَ اللَّهُ وَجْهَهُ:

<<  <   >  >>