للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

وانصرف، فأتى بجزورٍ فعقرها، فقلنا: رحمك الله ما تريد إلى هذا؟! قال:

كلوا رحمكم الله طرياً، فإنا لا نطعم الضيف غابَّاً «١» . قال عبد الله رحمه الله:

فدعوتُ بثوبٍ فجعلت فيه زعفراناً وصررتُ في طرفٍ منه مائة دينارٍ، ثم بعثت به إلى أهله، فقالوا: إنا لا نقدر على أخذه إلا بإذنه، فسألته أن يقبله مني، فأبى، فلما ارتحلنا وودعته أمرْتُ فألقي الثوب بين البيوت، ومضينا.

فإنا لنسير إذ لحقنا على فرسٍ مشْرعاً رُمحه «٢» ، قد احمرَّت عيناه، والثوب بين يديه، فصاح بنا: أغنوا عني هذا «٣» ، ونبذه إلينا، وولّى وهو يقول:

وإذا أخذتُ ثواب ما أعطيتُهُ ... فكفى «٤» بذاكَ لنائِلي تكديرا

عن محمد بن سلاَّم «٥» قال: أخبرني أبان بن عثمان قال: أراد رجلٌ أن يضارَّ عُبيد الله بن العباس- رضي الله عنهما- فأتى وجوه قريشٍ، فقال:

يقول لكم عبيد الله: تغدُّوا عندي اليوم. فأتوه فملئت عليه الدار، فقال:

ما هذا؟! فأُخبر بما صنع الرجل، وعرف ما أراد. فأمر بالباب فأُغلِق، وأرسل الى السّوق فجيىء بالفاكهة، وأرسل قوماً فذبحوا وخبزوا وشووا، فلم ينقض أكلهم الفاكهة حتى جاء الطعام، وكان فيما أتاهم من الفاكهة الأُتْرُجُّ والعسل، قال: فأكل القوم حتى صدروا، فقال عبيد الله لو كلائه: أموجودٌ هذا كلما أردت؟ قالوا: نعم، قال: فليتغدّ عندنا هؤلاء «٦» في كلّ يوم.