الزبير لا يضع عبد الله بن أبي فروة «١» من لسانه، فجعل عليه: لئن أظفره الله به ليقطعن يده وليأتين على ما وراء ظهره، فخذ حذرك، فإنما يريد قتلك.
فأمر مصعب براحلتين فرحلتا «٢» ، ثم قال: عليَّ بعبد الله بن أبي فروة، فأتاه عبد الله بن أبي فروة، فقال له: إنه بلغني أن أمير المؤمنين عليك غضبان، ولا قرار على غضبه، فعزمت عليك إلا ركبت وعون معك من أعوانك هاتين الراحلتين، ثم مضيت حتى تدفع يدك في يده، ثم لا يسألك «٣» عن شيء إلا صدقته عنه، اركب، فركب ومضى لوجهه. ثم أقبل مصعب على عبد الله بن جعفر وعلى عاصم، فقال: كأني بكما التقيتما في المسجد، فذكرتما مروري بالمدينة ليلاً، ثم تجاوزتها ولم أنزل بها، غير صلاةٍ صليتها في مسجد رسول الله صلى الله عليه وسلم، وقلتما: لا ندعه، ولنغيظنه؟! والله ما يغيظني من أمير المؤمنين شيء، وما عندنا إلا السمع والطاعة، ولكني أعتذر إليكما: إنه كتب إلي يأمرني أن أطوي المدينة فلا أجعلها منزلاً حتى يكون منزلي البيداء، ثم لا أريمها «٤» حتى يأتيني أمره، فلم أجاوز ما أمرني به، وما أجهل حقوقكما وما يجب لكما علي، يا عاصم، احتكم وسل ما شئت. فجعل عاصم يقول كذا وكذا، حتى ذكر الغلة والماشية والرقيق وما يحتاج إليه الانسان، فقال: قوِّم هذا، قال:
عشرين ألف دينار، قال: هي لك، قال: وصلتك رحم أيها الأمير. ثم أقبل على عبد الله بن جعفر وقال: هي لك وضعفها، فقال له عبد الله: ما منعك أن