أعيانِها الرياسة فيها، فكتب عمرو بن العاص من مصر- وهو يومئذٍ عليها- إلى عمر بن الخطاب «١» رضي الله [تعالى]«٢» عنه: يخبره بذلك، وأنه قد عزم أن يسيِّر إليها جيشاً، واستدعى من عمر [رضي الله عنه]«٣» نجدةً. فكتب إليه عمر يستصوب رأيه، ويذكر له: أنه ينفذ إليه على إثر كتابه ألف فارس، فتشوف عمرو إليهم، فوافاه الزبير بن العوام [رضي الله عنه]«٤» وحده، ومعه كتاب عمر رضي الله عنه:«قد أنفذت إليك الزبير بن العوام، وهو عندي يعدل ألف فارس إن شاء الله» وسيَّر عمرو الجيش إلى إفريقية. فلما انتهوا إلى مفرق «٥» طريقين خافوا أن يسلكوا في أحد الطريقين فتقع بهم مكيدة في الأخرى، فقال لهم الزبير [رضي الله عنه]«٦» : أفردوني في إحدى الطريقين «٧» ، فإني أكفيكموها. فسار وحده في أحد «٨» الطريقين، وسلك الجيش في الطريق الأخرى، واتفق أن كانت طريق الزبير قريبة جداً، فلم تزل الشمس حتى وافى حصن إفريقية، فنزل عن دابته واحتش لها بقلاً يشغلها به، وقام يصلي، وأشرف كفرة إفريقية من حصنها، فرأوا رجلاً واحداً من المسلمين حسن الطمأنينة، غير قلق في موضعه، ولا مستوحش من محله، فقالوا لرجل من شجعانهم: اخرج إليه واكفنا مؤونته، فخرج إليه، وركب الزبير [رضي الله عنه]«٩» فرسه وجاوله فقتله، وخرج إليه فارسان، فطعن أحدهما فقتله وهرب الآخر منه، وصار إلى أصحابه، فقال: لو خرجتم