على هذه الجرائم المنكرة «١» . وقد برأه الله من أن يغمس يده فى الدماء البريئة.
وإنما اتّهم بذلك افتراء واتباعا للشائعات الكاذبة التى أشاعها ذوو الأغراض من الدساسين. وأسامة حكى فى الاعتبار تفاصيل هذه الحوادث «٢» ، والقارىء المنصف يتبين له أن الرجل برىء مما نسب إليه زورا وبهتانا.
وسنفصل القول فى ذلك فى ترجمته المطولة التى سننشرها قريبا إن شاء الله.
ذهب أسامة من مصر إلى دمشق فأقام بها مدة. ثم انتقل باهله وولده إلى «حصن كيفا»«٣» وأقام بها إلى أن أخذ السلطان صلاح الدين الأيوبى دمشق فى ربيع الأول سنة ٥٧٠، وكان الأمير عضد الدين أبو الفوارس «مرهف بن أسامة» جليس صلاح الدين وأنيسه، ولم يزل مشغولا بذكر أسامة، مشتهرا باشاعة نظمه ونثره، فاستدعاه إلى دمشق، وهو شيخ قد جاوز الثمانين «٤» . قال العماد:«فلما جاء مؤيد الدولة- يعنى أسامة- أنزله أرحب منزل، وأورده أعذب منهل، وملّكه من أعمال المعرّة ضيعة زعم أنها كانت قديما تجرى فى أملاكه، وأعطاه بدمشق دارا وإدرارا. وإذا كان- يعني السلطان صلاح الدين- بدمشق جالسه وآنسه، وذاكره فى الأدب ودارسه، وكان ذا رأي وتجربة، وحنكة مهذبة، فهو يستشيره فى نوائبه، ويستنير برأيه فى غياهبه. وإذا غاب عنه فى غزواته كاتبه، وأعلمه بواقعاته ووقعاته، واستخرج رأيه فى كشف مهماته، وحلّ مشكلاته»«٥» .
ومكث أسامة فى دمشق إلى أن مات بها ليلة الثلاثاء ٢٣ رمضان سنة ٥٨٤