للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

وقيل للمهلب بن أبي صفرة رحمه الله: ما أعجب ما رأيت في حرب الأزارقة؟ قال: فتًى كان يخرج إلينا منهم في كل غداةٍ فيقف ويقول:

وَسَائِلَةٍ بِالغَيْبِ عَنِّي وَلَو راَتْ ... مُقَارَعَتي الأَبْطَالَ طالَ نَحِيبُها

إِذا مَا التَقَيْنَا كُنْتُ أَوَّلَ فَارِسٍ ... يَجُودُ بِنَفْسٍ أَثقَلَتْهَا ذُنُوبُهَا

ثم يحمل فلا يقوم له شيءٌ إلاّ أقعده، فاذا كان من الغد عاد لمثل ذلك! وعن أبي حاتم الرازي قال: سمعت عبدة بن سليمان المروزيَّ يقول: كنا في سريةٍ مع عبد الله بن المبارك [رضي الله عنه] في بلاد الروم، فصادفنا العدو، فلما التقى الصفَّان خرج رجلٌ من العدو فدعا إلى البراز فخرج اليه رجلٌ فقتله، ثم خرج آخر منهم فقتله، ثم آخر فقتله، ثم خرج اليه آخر فطارده فعطنه فقتله، فازدحم اليه الناس، فاذا هو يلثم «١» وجهه بكمه، فأخذت بطرف كمه فمددته فاذا»

هو عبد الله بن المبارك. فقال: وأنت يأبا عمرو «٣» ممّن يشنّع علينا؟! وأنشد الرِّياشيُّ لبعض العرب:

وَأَشْعَرْتُهُ طَعنَةً ثَرَّةً «٤» ... يَظُلُّ عَلَى النَّحْرِ مِنْهَا صَبِيبُ

فَإِنْ قَتَلَتْهُ فَلَمْ آلهُ ... وَإِنْ يَنْجُ مِنْهَا فَجُرْحٌ رَغِيْبُ «٥»

وَإِنْ يَلْقَني بعدَهَا يَلْقَني ... عَلَيْهِ مِنَ الذُّلِّ ثَوْبٌ قَشِيبُ

وقال عمرو بن الإطنابة: «٦»

أَبَتْ لِي عِفَّتِي وَأَبَى بَلاَئِي «٧» ... وَأَخْذِي الحَمْدَ بالثَمَنِ الرّبيح