وكما يقال: الأدب خير ميراثٍ، وحسن الخلق خير قرينٍ، والتوفيق خير قائدٍ، والاجتهاد أربح بضاعةٍ ولا مال أعود من العقل، ولا مصيبة أعظم من الجهل، ولا ظهير أوثق من المشورة، ولا وحدة أوحش من العجب.
وقال عبد الملك بن مروان لمؤدب ولده- وكان رجلاً من بني زهرة-:
علمهم الصدق كما تعلمهم القرآن، واحملهم على الأخلاق الجميلة، وروِّهم الشعر يشجعوا وينجدوا، وجالس بهم أشراف الناس وأهل العلم منهم، فإنهم أحسن الناس رعةً «١» وأحسنهم أدباً، وجنبهم السَّفلة والخدم، فإنهم أسوأ الناس رعة وأسوؤهم أدباً، ومرهم فليستاكوا عرضاً، وليمصوا الماء مصًّا ولا يعبوه عبّا، ووقرهم في العلانية، وذللهم في السر، واضربهم على الكذب، إن الكذب يدعو الى الفجور، والفجور، والفجور يدعو الى النار، وجنبهم شتم أعراض الرجال، فان الحر لا يجد من عرضه عوضا، وإذا ولو أمراً فامنعهم من ضرب الأبشار «٢» ، فإنه عار باقٍ ووتر مطلوب «٣» ، واحملهم على صلة الأرحام، واعلم أن الأدب أولى بالغلام من النسب.
قيل للحسن البصري رحمه الله «٤» : قد أكثر الناس في علم الآداب «٥» ، فما أنفعها عاجلاً وأفضلها «٦» آجلا؟. فقال التفقه في الدين، [فانه يصرف اليه قلوب المتعلمين] ، والزهد في الدنيا، [فإنه يقربك من رب العالمين] ، والمعرفة بما لله تعالى عليك [يحويها كمال الإيمان] .