وتكلم عمرو بن سعيد «١» في بيعة يزيد بن معاوية فقال: إن يزيد غياثٌ تأملونه، وأجلٌ تأمنونه، طويل الباع، رحب الذراع، واسع الصدر، كريم النجر، قارح «٢» سُوبق فسبق، وموجد فمَجُد، وقُورع فقرع، وخوصم فخصم، إن صرتم إلى حلمه وسعكم، أو إلى ماله أغناكم، خلفٌ من أمير المؤمنين، ولا خلف منه «٣» .
لما هزم المهلب بن أبي صفرة عبد ربه الحروري «٤» قال: هل من رجل حازم أبعث به إلى الحجاج مع رؤوس هؤلاء القوم؟ فدلَّ على بشير بن مالك الخرشي، فوجهه إلى الحجاج. فلما دخل عليه قال له الحجاج: ما اسمك؟
قال: بشير بن مالك. فقال الحجاج: بشارةٌ وملكٌ، كيف تركت المهلب؟
قال: تركته- أصلح الله الأمير- قد أدرك ما طلب، وأمن ما خاف.
قال: الحمد لله على ذلك، فكيف تركت العدو؟ قال: كانت له الدولة ولنا العاقبة. فقال الحجاج: العاقبة للمتقين. فكيف تركت الجند؟ قال: أرضاهم الحق، وأغناهم النفل «٥» ، وإنه مع ذلك ليسوسهم سياسة الملوك، ويقاتل عنهم قتال الصعلوك. قال: فكيف أبناء المهلب؟ قال. أعباء البيات «٦» حتى يأمنوه، وأصحاب السرح حتى يروِّحوه. قال: فأيهم أفضل؟ قال: ذاك