وسئل أيلول «١» الحكيم: ما الذنب الذي لا يخاف صاحبه؟ قال: ذنب صنع إلى كريم.
قلت- وليس من المقصود إيراده-: سمعت أن ابن المقفع لقي بعض الأكابر، فقال له: بلغني عنك ما كرهته. فقال ابن المقفع: لا أبالي! قال:
ولم؟ قال: لأنه إن كان حقّاً غفرته، وإن كان باطلاً كذّبته. وهذا من أحسن جوابٍ.
وصف أيلول «٢» الحكيم الكلام فقال: مغرسه القلب، وزارعه الفكر، وباذره الخواطر، ومسلكه اللسان، وجسمه الحركة، وروحه المعنى، وله أجزاء يقوم بها، وأركان يعتمد عليها، وفصول تتصل بالبيان، وصوت يؤدي إلى الأفهام، وحامل من الهواء إلى الأسماع. فإذا التحم المعنى بالأركان، وتألفت أجزاء اللفظ بالقوى-: فهم استماع «٣» ما نقل إليه الصوت. وإذا تأخر منه الجزء، وانخرم انتظام اللفظ، وسقط الحرف «٤» من الفصل-: شبّه على الواعي، وفسدت به المعاني.
ووصف الحرب فقال: جسمها الشجاعة، وقلبها التدبير، وعينها الحذر، وجناحاها «٥» الطاعة، ولسانها المكيدة، وقائدها الرفق، وسائقها الصبر، وأولى الناس بها أبعدهم في الحيل، وأنفذهم في المخاطرة «٦» ، فان همّة من شارفها