فليس على العاقل النظر في القدر الذي لا يدري ما يأتيه منه، وما ينصرف عنه؛ ولكن عليه العمل بالحزم في أمره ومحاسبة نفسه في ذلك.
وقال الحكماء: الحازم من لم يشغله البطر بالنعمة عن العمل للعاقبة، والهم بالحادثة عن الحيلة لدفعها.
وقالوا: الحزم: الحذر عند الأمن. والعاقل من حذر الليل والنهار، فإن فيهما مكمن الآفات.
وقالوا: إياك أن يطمعك الاغترار: بالتهاون بالعدو الضعيف، فإن العدو الضعيف المحترس من العدو [القوي]«١» -: أحرى بالظفر من العدو القوي المغتر بالعدو الضعيف.
وقالت الحكماء: العجز عجزان: عجز عن طلب الأمر وقد أمكن، والجد في طلبه وقد فات.
وقالت الحكماء: من كانت فيه ثلاث خلالٍ لم يستقم له أمرٌ: التواني في العمل، والتضييع للفرص، والتصديق لكل مخبرٍ.
وقد قيل: أربعة أشياء لا يستقل قليلها: المرض، والنار، والدين، والعداوة.
وقالوا: إن العاقل وإن كان واثقا بقوته وعقله-: فليس ينبغي أن يحمله ذلك على أن يجني على نفسه العداوة والبغضاء اتكالاً على ما عنده من الرأي والقوة.
كما أن العاقل إذا كان عنده الترياق لا ينبغي له أن يشرب السم اتكالا على ما عنده.