للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

وأشركه في سلطانه، وندبه لرعاية خلقه، ونصبه لنصرة حقه. فإن أطاعه في أوامره ونواهيه تكفَّل بنصره، وإن عصاه فيهما وكله إلى نفسه.

وقال الحكيم: من ملَّكه الله من أرضه وبلاده، وائتمنه على خلقه وعباده، وبسط يده وسلطانه، ورفع محلَّه ومكانه-: فحقيقٌ عليه أن يؤدي الأمانة، ويخلص الديانة، ويجمل السيرة، ويحسن السريرة، ويجعل الحق دأبه المعهود، والأجر غرضه المقصود، فالظلم يزل القدم، ويزيل النعم، ويجلب النقم، ويهلك الأمم.

وقال: من أبلى جدَّته في خدمتك، وأفنى مدته في طاعتك-: فارعَ ذمامه في حياته، وتكفل أيتامه بعد وفاته. فإن الوفاء لك، بقدر الرجاء فيك.

أفضِ على جيشك سَيْب عطائك، وأصرف إليهم أحسن عنايتك وإرعائك «١» ، فإنهم أهل الأنفة والحمية، وحفظ «٢» الحوزة والرعية، وسيوف الملك، وحصون الممالك والبلدان، وأوثق الأصحاب والأعوان، بهم تدفع العوادي وتقهر الأعادى، ويزال الخلل، ويضبط العمل. قوّضعيفهم يقوِّ أمرك، وأغن فقيرهم يشد أزرك، وامنحهم قبل الفرض، واختبرهم عند العرض، ولا تثبت منهم إلا الوفي الكمي الذي لا يعدل عن الوفاء، ولا يجبن لدى الهيجاء وفانّ المراد منهم قوة العدة، لا كثرة العدة. وإن أصاب أحدهم في وقعة تندبه لها، أو حملة تبرز فيها، ما يعطله عن اللقاء، ويؤخره عن الأكفاء-: