٨٧- قيل لعلي عليه السّلام: لو سدّ على رجل باب بيت وترك فيه من أين يأتيه رزقه؟ قال: من حيث يأتيه أجله.
- وعنه عليه السّلام: ولقد كان في رسول الله كاف لك في الأسوة، ودليل على ذم الدنيا وكثرة مساوئها، إذ قبضت عنه أطرافها، ووطئت لغيره أكنافها.
وإن شئت ثنّيت بموسى كليم الله إذ يقول: إني لما أنزلت إليّ من خير فقير. والله ما سأله إلا خبزا يأكله، لأنه كان يأكل بقلة الأرض. ولقد كانت خضرة البقل ترى من شفيف صفاق بطنه، لهزاله وتشذب لحمه.
وإن شئت ثلّثت بداود صاحب المزامير وقارىء أهل الجنة، فقد كان يعمل سفائف الخوص بيده، ويقول لجلسائه: أيكم يكفيني بيعها؟ ويأكل قرص الشعير من ثمنها.
وإن شئت قلت في عيسى بن مريم، فلقد كان يتوسد الحجر، ويلبس الخشن، وكان إدامه الجوع، وسراجه بالليل القمر، وفاكهته وريحانه ما تنبت الأرض للبهائم. ولم تكن له زوج تفتنه، ولا ولد يحزنه، ولا مال يلفته، ولا طمع يذله، دابته رجلاه، وخادمه يداه.
فتأسّ بنبيك، عرضت عليه الدنيا فأبى أن يقبلها، وعلم أن الله أبغض شيئا فأبغضه، وصغر شيئا فصغره. ولو لم يكن فينا إلا حبنا ما أبغض الله، وتعظيمنا ما صغر الله لكفى به شقاقا لله ومحادة عن أمره.
ولقد كان صلّى الله عليه وسلّم يأكل على الأرض، ويجلس جلسة العبد، ويخصف بيده نعله، ويرقع بيده ثوبه، ويركب الحمار العري، ويردف خلفه.
ويكون الستر على باب بيته فيه التصاوير، فيقول: يا فلانة غيبيه عني، فإني إذا نظرت إليه ذكرت الدنيا وزخارفها. فأعرض عن الدنيا بقلبه،