للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

كبرت عنده يا أمير المؤمنين لأنه لم يرك.

فرجع الكلام إلى ملك الروم فقال: لله أبوه ما عدا ما في نفسي.

٣٥- أراد المنصور أن يعقد للمهدي ويقدمه على عيسى بن موسى «١» ، فأراده على ذلك، وأداره عليه، وكتب إليه، فأبى وأجاب بجواب عنيف في آخره:

خيرت أمرين ضاع الحزم بينهما ... إمّا صغار وإمّا فتنة عمم

وقد هممت مرارا أن أساقيكم ... كأس المنية لولا الله والرحم

ولو فعلت لزالت عنكم نعم ... بكفر أمثالها تستنزل النقم

فلما يئس منه قال لخالد بن برمك: إن كانت عندك حيلة فقدمها، فقد أعيتنا وجوه الحيل؛ فقال: يا أمير المؤمنين ضم إليّ ثلاثين رجلا من كبار الشيعة، فمضوا إليه، فلم يزدد إلّا نبوا، فخرجوا، فقال لهم: ما الحيلة؟ فأعضلتهم، فقال: ما هي إلّا أن نخبر أمير المؤمنين أنه قد أجاب، ونشهد عليه إن أنكر قالوا: نفعل؛ فصاروا إلى المنصور وقالوا: قد أجاب. وخرج التوقيع بالبيعة للمهدي، وكتب بذلك إلى الآفاق. وجاء عيسى فأنكر فشهدوا عليه بالإجابة. فكان المهدي يعرف ذلك لخالد، ويصف جزالة الرأي فيه.

٣٦- تغيظت عاتكة بنت يزيد بن معاوية «٢» على عبد الملك وكانت امرأته، وكان من أشد الناس حبا لها، فحجبته وأغلقت بابها عليه؛ فشق ذلك عليه وشكاه إلى خاصته، وأعيته الحيل فيها، وفي رضاها عنه؛ فقال له عمرو بن هلال، وكان خصيصا بيزيد ومعاوية، مالي عندك إن رضيت؟ قال: حكمك؛ فأتى بابها، فخرجت إليه مولياتها ونساؤها،

<<  <  ج: ص:  >  >>