للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

{وَمَا هُوَ بِقَوْلِ شَاعِرٍ} (١). الْآيَاتِ - فَإِنَّ الرَّسُولَ هُنَا هُوَ مُحَمَّدٌ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ.

وَقَوْلُهُ: "فَعَلَّمَهُ سَيِّدَ الْمُرْسَلِينَ"- تصريح بتعليم جبرائيل إِيَّاهُ، إِبْطَالًا لِتَوَهُّمِ الْقَرَامِطَةِ وَغَيْرِهِمْ أَنَّهُ تَصَوَّرَهُ فِي نَفْسِهِ إِلْهَامًا.

وَقَوْلُهُ: (وَلَا نَقُولُ بِخَلْقِهِ، وَلَا نُخَالِفُ جَمَاعَةَ الْمُسْلِمِينَ) - تَنْبِيهٌ عَلَى أَنَّ مَنْ قَالَ بِخَلْقِ الْقُرْآنِ فَقَدْ خَالَفَ جَمَاعَةَ الْمُسْلِمِينَ، فَإِنَّ سَلَفَ الْأُمَّةِ كُلَّهُمْ مُتَّفِقُونَ عَلَى أنه كَلَامُ اللَّهِ بِالْحَقِيقَةِ غَيْرُ مَخْلُوقٍ، بَلْ قَوْلُهُ: "وَلَا نُخَالِفُ جَمَاعَةَ الْمُسْلِمِينَ"، مُجْرًى عَلَى إِطْلَاقِهِ: أَنَّا لَا نُخَالِفُ جَمَاعَةَ الْمُسْلِمِينَ فِي جَمِيعِ مَا اتَّفَقُوا عَلَيْهِ فَإِنَّ خِلَافَهُمْ زَيْغٌ وَضَلَالٌ وَبِدْعَةٌ.

قَوْلُهُ: (وَلَا نُكَفِّرُ أَحَدًا مِنْ أَهْلِ الْقِبْلَةِ بِذَنْبٍ، مَا لَمْ يَسْتَحِلَّهُ، وَلَا نَقُولُ لَا يَضُرُّ مَعَ الْإِيمَانِ ذَنْبٌ لِمَنْ عَمِلَهُ).

ش: أَرَادَ بِأَهْلِ الْقِبْلَةِ الَّذِينَ تَقَدَّمَ ذِكْرُهُمْ فِي قَوْلِهِ: "وَنُسَمِّي أَهْلَ قِبْلَتِنَا مُسْلِمِينَ مُؤْمِنِينَ، مَا دَامُوا بِمَا جَاءَ بِهِ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ مُعْتَرِفِينَ، وَلَهُ بِكُلِّ مَا قال وأخبر مصدقين"، يشير الشيخ رحمه الله بهذا الكلام إِلَى الرَّدِّ عَلَى الْخَوَارِجِ الْقَائِلِينَ بِالتَّكْفِيرِ بِكُلِّ ذَنْبٍ.

وَاعْلَمْ - رَحِمَكَ اللَّهُ وَإِيَّانَا - أَنَّ بَابَ التَّكْفِيرِ وَعَدَمِ التَّكْفِيرِ، بَابٌ عَظُمَتِ الْفِتْنَةُ وَالْمِحْنَةُ فِيهِ، وَكَثُرَ فِيهِ الِافْتِرَاقُ، وَتَشَتَّتَتْ فِيهِ الْأَهْوَاءُ وَالْآرَاءُ، وَتَعَارَضَتْ فِيهِ دَلَائِلُهُمْ. فَالنَّاسُ فِيهِ، فِي جِنْسِ تَكْفِيرِ أَهْلِ الْمَقَالَاتِ وَالْعَقَائِدِ الْفَاسِدَةِ، الْمُخَالِفَةِ لِلْحَقِّ الَّذِي بَعَثَ اللَّهُ بِهِ رَسُولَهُ فِي نفس الأمر، والمخالفة لِذَلِكَ فِي اعْتِقَادِهِمْ، عَلَى طَرَفَيْنِ وَوَسَطٍ، مِنْ جِنْسِ الِاخْتِلَافِ فِي تَكْفِيرِ أَهْلِ الْكَبَائِرِ الْعَمَلِيَّةِ:


(١) سورة الحاقة الآيتان ٤٠، ٤١.

<<  <   >  >>