فَسَأَلُونِي، فَأَعْطَيْتُ كُلَّ إِنْسَانٍ مَسْأَلَتَهُ - مَا نَقَصَ ذَلِكَ عِنْدِي إِلَّا كَمَا يَنْقُصُ الْمِخْيَطُ إِذَا أُدْخِلَ الْبَحْرَ» الْحَدِيثَ. رَوَاهُ مُسْلِمٌ. وَقَوْلُهُ: "بِلَا مؤنَةٍ": بِلَا ثِقَلٍ وَلَا كُلْفَةٍ.
قَوْلُهُ: (مُمِيتٌ بِلَا مَخَافَةٍ، بَاعِثٌ بِلَا مَشَقَّةٍ).
ش: الْمَوْتُ صِفَةٌ وُجُودِيَّةٌ، خِلَافًا لِلْفَلَاسِفَةِ وَمَنْ وَافَقَهُمْ. قَالَ تَعَالَى: {الَّذِي خَلَقَ الْمَوْتَ وَالْحَيَاةَ لِيَبْلُوَكُمْ أَيُّكُمْ أَحْسَنُ عَمَلًا} (١). وَالْعَدَمُ لَا يُوصَفُ بِكَوْنِهِ مَخْلُوقًا. وَفِي الْحَدِيثِ: أَنَّهُ يُؤْتَى بِالْمَوْتِ يَوْمَ الْقِيَامَةِ عَلَى صُورَةِ كَبْشٍ أَمْلَحَ، فَيُذْبَحُ بَيْنَ الْجَنَّةِ وَالنَّارِ. وَهُوَ وَإِنْ كَانَ عَرَضًا فَاللَّهُ - تَعَالَى - يَقْلِبُهُ عَيْنًا، كَمَا وَرَدَ فِي الْعَمَلِ الصَّالِحِ: أَنَّهُ يَأْتِي صَاحِبَهُ فِي صُورَةِ الشَّابِّ الْحَسَنِ، وَالْعَمَلُ الْقَبِيحُ عَلَى أَقْبَحِ صُورَةٍ وَوَرَدَ فِي الْقُرْآنِ: أَنَّهُ يَأْتِي عَلَى صُورَةِ الشَّابِّ الشَّاحِبِ اللَّوْنِ، الْحَدِيثَ. أَيْ قِرَاءَةَ الْقَارِئِ. وَوَرَدَ فِي الْأَعْمَالِ: أَنَّهَا تُوضَعُ فِي الْمِيزَانِ، وَالْأَعْيَانُ هِيَ الَّتِي تَقْبَلُ الْوَزْنَ دُونَ الْأَعْرَاضِ. وَوَرَدَ فِي سُورَةِ الْبَقَرَةِ وَآلِ عِمْرَانَ: أَنَّهُمَا يَوْمَ الْقِيَامَةِ يُظِلَّانِ صَاحِبَهُمَا كَأَنَّهُمَا غَمَامَتَانِ أَوْ غَيَايَتَانِ أَوْ فِرْقَانِ مِنْ طَيْرٍ صَوَافٍّ. وَفِي الصَّحِيحِ: أَنَّ أَعْمَالَ الْعِبَادِ تَصْعَدُ إِلَى السَّمَاءِ، وَسَيَأْتِي الْكَلَامُ عَلَى الْبَعْثِ وَالنُّشُورِ، إِنْ شَاءَ اللَّهُ تَعَالَى.
قَوْلُهُ: (مَا زَالَ بِصِفَاتِهِ قَدِيمًا قَبْلَ خَلِقِهِ، لَمْ يَزْدَدْ بِكَوْنِهِمْ شَيْئًا لَمْ يَكُنْ قَبْلَهُمْ مِنْ صِفَتِهِ، كَمَا كَانَ بِصِفَاتِهِ أَزَلِيًّا، كَذَلِكَ لَا يَزَالُ عَلَيْهَا أَبَدِيًّا).
ش: أَيْ: أَنَّ اللَّهَ سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى لَمْ يَزَلْ مُتَّصِفًا بِصِفَاتِ الْكَمَالِ: صِفَاتِ الذَّاتِ وَصِفَاتِ الْفِعْلِ. وَلَا يَجُوزُ أَنْ يُعْتَقَدَ أَنَّ اللَّهَ وُصِفَ بِصِفَةٍ بَعْدَ أَنْ لَمْ يَكُنْ مُتَّصِفًا بِهَا، لِأَنَّ صِفَاتِهِ - سُبْحَانَهُ - صِفَاتُ كَمَالٍ، وَفَقْدَهَا صِفَةُ نَقْصٍ، وَلَا يَجُوزُ أَنْ يَكُونَ قَدْ حَصَلَ لَهُ الْكَمَالُ بَعْدَ أَنْ كَانَ مُتَّصِفًا بِضِدِّهِ. وَلَا يَرِدُ
(١) سورة الْمُلْكِ آية: ٢.
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute