وَقَدْ رَوَى ابْنُ أَبِي الدُّنْيَا عَنِ ابْنِ الْمُبَارَكِ: أَنَّهُ أَنْشَدَ فِي ذَلِكَ شِعْرًا:
وَطَارَتِ الصُّحُفُ فِي الْأَيْدِي مُنَشَّرَة ... فِيهَا السَّرَائِرُ وَالْأَخْبَارُ تُطَّلَعُ
فَكَيْفَ سَهْوُكَ وَالْأَنْبَاءُ وَاقِعَة ... عَمَّا قَلِيلٍ، وَلَا تَدْرِي بِمَا تَقَعُ
أَفِي الْجِنَانِ وَفَوْزٍ لَا انْقِطَاعَ لَهُ ... أَمِ الْجَحِيمِ فَلَا تُبْقِي وَلَا تَدَعُ
تَهْوِي بِسَاكِنِهَا طَوْرًا وَتَرْفَعُهُمْ ... إِذَا رَجَوْا مَخْرَجًا مِنْ غَمِّهَا قُمِعُوا
طَالَ الْبُكَاءُ فَلَمْ يُرْحَمْ تَضَرُّعُهُمْ ... فِيهَا، وَلَا رِقَّية تُغْنِي وَلَا جَزَعُ
لِيَنْفَعِ الْعِلْمُ قَبْلَ الْمَوْتِ عَالِمَه ... قَدْ سَالَ قَوْمٌ بِهَا الرُّجْعَى فَمَا رَجَعُوا
وَقَوْلُهُ"وَالصِّرَاطُ"-
أَيْ وَنُؤْمِنُ بِالصِّرَاطِ، وَهُوَ جِسْرٌ عَلَى جَهَنَّمَ، إِذَا انْتَهَى النَّاسُ بَعْدَ مُفَارَقَتِهِمْ مَكَانَ الْمَوْقِفِ إِلَى الظُّلْمَة الَّتِي دُونَ الصِّرَاطِ، كَمَا قَالَتْ عَائِشَة رَضِيَ اللَّهُ عَنْهَا: «إِنَّ رَسُولَ الله صلى الله عليه وَسَلَّمَ سُئِلَ: أَيْنَ النَّاسُ يَوْمَ تُبَدَّلُ الْأَرْضُ غَيْرَ الْأَرْضِ وَالسَّمَاوَاتُ؟ فَقَالَ: "هُمْ فِي الظُّلْمَة دُونَ الْجِسْرِ». وَفِي هَذَا الْمَوْضِعِ يَفْتَرِقُ الْمُنَافِقُونَ عَنِ الْمُؤْمِنِينَ، وَيَتَخَلَّفُونَ عَنْهُمْ، وَيَسْبِقُهُمُ الْمُؤْمِنُونَ، وَيُحَالُ بَيْنَهُمْ بِسُورٍ يَمْنَعُهُمْ مِنَ الْوُصُولِ إِلَيْهِمْ.
وَرَوَى الْبَيْهَقِيُّ بِسَنَدِه، عَنْ مَسْرُوقٍ، عَنْ عَبْدِ اللَّهِ، قَالَ: "يَجْمَعُ اللَّهُ النَّاسَ يَوْمَ الْقِيَامَة"، إِلَى أَنْ قَالَ: "فَيُعْطَوْنَ نُورَهُمْ على قَدْرِ أَعْمَالِهِمْ"، قَالَ: "فَمِنْهُمْ مَنْ يُعْطَى نُورَه مِثْلَ الْجَبَلِ بَيْنَ يَدَيْه، وَمِنْهُمْ مَنْ يُعْطَى نُورَه فَوْقَ ذَلِكَ، وَمِنْهُمْ
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute