للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

بِاللَّهِ وَحَقِّهِ غَايَةٌ!! فَإِنْ لَمْ يَتَّسِعْ فَهْمُكَ لِهَذَا، فَانْزِلْ إِلَى وَطْأَةِ النِّعَمِ، وَمَا عَلَيْهَا مِنَ الْحُقُوقِ، وَوَازِنْ مِنْ شُكْرِهَا وَكُفْرِهَا، فَحِينَئِذٍ تَعْلَمُ أَنَّهُ سُبْحَانَهُ لَوْ عَذَّبَ أَهْلَ سَمَاوَاتِهِ وَأَرْضِهِ، لَعَذَّبَهُمْ وَهُوَ غَيْرُ ظَالِمٍ لَهُمْ.

قَوْلُهُ: (وَفِي دُعَاءِ الْأَحْيَاءِ وَصَدَقَاتِهِمْ مَنْفَعَةٌ لِلْأَمْوَاتِ).

ش: اتَّفَقَ أَهْلُ السُّنَّةِ أَنَّ الْأَمْوَاتَ يَنْتَفِعُونَ مِنْ سَعْيِ الْأَحْيَاءِ بِأَمْرَيْنِ:

أَحَدُهُمَا: مَا تَسَبَّبَ إِلَيْهِ الْمَيِّتُ فِي حَيَاتِهِ.

وَالثَّانِي: دُعَاءُ الْمُسْلِمِينَ وَاسْتِغْفَارُهُمْ لَهُ، وَالصَّدَقَةُ وَالْحَجُّ، عَلَى نِزَاعٍ فِيمَا يَصِلُ إِلَيْهِ مِنْ ثَوَابِ الْحَجِّ: فَعَنْ مُحَمَّدِ بْنِ الحسن: أَنَّهُ إِنَّمَا يَصِلُ إِلَى الْمَيِّتِ ثَوَابُ النَّفَقَةِ، وَالْحَجُّ لِلْحَاجِّ. وَعِنْدَ عَامَّةِ الْعُلَمَاءِ: ثَوَابُ الْحَجِّ لِلْمَحْجُوجِ عَنْهُ، وَهُوَ الصَّحِيحُ.

وَاخْتُلِفَ فِي الْعِبَادَاتِ الْبَدَنِيَّةِ، كَالصَّوْمِ وَالصَّلَاةِ وَقِرَاءَةِ الْقُرْآنِ وَالذِّكْرِ: فَذَهَبَ أَبُو حَنِيفَةَ وَأَحْمَدُ وَجُمْهُورُ السَّلَفِ إِلَى وُصُولِهَا، وَالْمَشْهُورُ مِنْ مَذْهَبِ الشَّافِعِيِّ وَمَالِكٍ عَدَمُ وُصُولِهَا.

وَذَهَبَ بَعْضُ أَهْلِ الْبِدَعِ مِنْ أَهْلِ الْكَلَامِ إِلَى عَدَمِ وُصُولِ شَيْءٍ الْبَتَّةَ، لَا الدُّعَاءِ وَلَا غَيْرِهِ. وَقَوْلُهُمْ مَرْدُودٌ بِالْكِتَابِ وَالسُّنَّةِ، لَكِنَّهُمُ اسْتَدَلُّوا بِالْمُتَشَابِهِ مِنْ قَوْلِهِ تَعَالَى: {وَأَنْ لَيْسَ لِلْإِنْسَانِ إِلَّا مَا سَعَى} (١). وقوله: {وَلَا تُجْزَوْنَ إِلَّا مَا كُنْتُمْ تَعْمَلُونَ} (٢). وَقَوْلِهِ: {لَهَا مَا كَسَبَتْ وَعَلَيْهَا مَا اكْتَسَبَتْ} (٣).

وَقَدْ ثَبَتَ عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَنَّهُ قَالَ: «إِذَا مَاتَ ابْنُ آدَمَ انْقَطَعَ عَمَلُهُ إِلَّا مِنْ ثَلَاثٍ: صَدَقَةٌ جَارِيَةٌ، أَوْ وَلَدٌ صَالِحٌ يَدْعُو لَهُ، أَوْ عِلْمٌ ينتفع به من


(١) النجم ٣٩
(٢) يس ٥٤
(٣) البقرة ٢٨٦

<<  <   >  >>