للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

بَعْدِهِ». فَأَخْبَرَ أَنَّهُ إِنَّمَا يَنْتَفِعُ بِمَا كَانَ تَسَبَّبَ فِيهِ فِي الْحَيَاةِ، وَمَا لَمْ يَكُنْ تَسَبَّبَ فِيهِ فِي الْحَيَاةِ فَهُوَ مُنْقَطِعٌ عَنْهُ.

وَاسْتَدَلَّ الْمُقْتَصِرُونَ عَلَى وُصُولِ الْعِبَادَاتِ الَّتِي [تَدْخُلُهَا النِّيَابَةُ كَالصَّدَقَةِ وَالْحَجِّ بِأَنَّ النَّوْعَ الَّذِي لَا تَدْخُلُهُ] (١) النِّيَابَةُ بِحَالٍ، كَالْإِسْلَامِ وَالصَّلَاةِ وَالصَّوْمِ وَقِرَاءَةِ الْقُرْآنِ، - يَخْتَصُّ [ثَوَابُهُ] (٢) بِفَاعِلِهِ لَا يَتَعَدَّاهُ، كَمَا أَنَّهُ فِي الْحَيَاةِ لَا يَفْعَلُهُ أَحَدٌ عَنْ أَحَدٍ، وَلَا يَنُوبُ فِيهِ عَنْ فَاعِلِهِ غَيْرُهُ، [وَقَدْ] (٣) رَوَى النَّسَائِيُّ بِسَنَدِهِ، عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ، عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، أَنَّهُ قَالَ: «لَا يُصَلِّي أَحَدٌ عَنْ أَحَدٍ، وَلَا يَصُومُ أَحَدٌ عَنْ أَحَدٍ، وَلَكِنْ يُطْعِمُ عَنْهُ مَكَانَ كُلِّ يَوْمٍ مُدًّا مِنْ حِنْطَةٍ» (٤).

وَالدَّلِيلُ عَلَى انْتِفَاعِ الْمَيِّتِ بِغَيْرِ مَا تَسَبَّبَ فِيهِ، الْكِتَابُ وَالسَّنَةُ وَالْإِجْمَاعُ وَالْقِيَاسُ الصَّحِيحُ.

أَمَّا الْكِتَابُ، فَقَالَ تَعَالَى: {وَالَّذِينَ جَاءُوا مِنْ بَعْدِهِمْ يَقُولُونَ رَبَّنَا اغْفِرْ لَنَا وَلِإِخْوَانِنَا الَّذِينَ سَبَقُونَا بِالْإِيمَانِ} (٥) فَأَثْنَى عَلَيْهِمْ بِاسْتِغْفَارِهِمْ لِلْمُؤْمِنِينَ قَبْلَهُمْ، فَدَلَّ عَلَى انْتِفَاعِهِمْ بِاسْتِغْفَارِ الْأَحْيَاءِ. وَقَدْ دَلَّ عَلَى انْتِفَاعِ الْمَيِّتِ بِالدُّعَاءِ إِجْمَاعُ الْأُمَّةِ عَلَى الدُّعَاءِ لَهُ فِي صَلَاةِ الْجَنَازَةِ، وَالْأَدْعِيَةُ الَّتِي وَرَدَتْ بِهَا السُّنَّةُ فِي صَلَاةِ الْجَنَازَةِ مُسْتَفِيضَةٌ. وَكَذَا الدُّعَاءُ لَهُ بَعْدَ الدَّفْنِ، فَفِي سُنَنِ أَبِي دَاوُدَ، مِنْ حَدِيثِ عُثْمَانَ بْنِ عَفَّانَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ، قَالَ: «كَانَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ إِذَا فَرَغَ مِنْ دَفْنِ الْمَيِّتِ وَقَفَ عَلَيْهِ فَقَالَ: "اسْتَغْفِرُوا لِأَخِيكُمْ، وَاسْأَلُوا لَهُ التَّثْبِيتَ،


(١) في الأصل سقط وتحريف وتعديل يحيل المعنى، والتصويب من «الروح» المسألة السادسة عشرة. ن
(٢) في الأصل سقط وتحريف وتعديل يحيل المعنى، والتصويب من «الروح» المسألة السادسة عشرة. ن
(٣) في الأصل سقط وتحريف وتعديل يحيل المعنى، والتصويب من «الروح» المسألة السادسة عشرة. ن
(٤) هكذا ذكره الشارح منسوبا للنسائي من حديث ابن عباس مرفوعا! ورفعه وهم يقينا، إما من الشارح وإما من الناسخ، وليس هو في سنن النسائي التي في أيدينا ولكنه في السنن الكبرى موقوف على ابن عباس، نقله الحافظ الزيلعي في نصب الراية ٢: ٤٦٣. وكذلك جاء عن ابن عمر ونحوه موقوفا، ذكره مالك في الموطأ «أنه بلغه» عن ابن عمر، ولم يذكر أحد من شارحيه من رواه موصولا، ولكن الحافظ الزيلعي نقله من مصنف عبد الرزاق بإسناد صحيح عن ابن عمر، وصرح الزيلعي بما يفيد أنه لم يعرفه مرفوعا قط
(٥) الحشر ١٠

<<  <   >  >>