للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

وأَمَّا إِذَا عُطِفَ عَلَيْهِ الْعَمَلُ الصَّالِحُ، فَاعْلَمْ أَنَّ عَطْفَ الشَّيْءِ عَلَى الشَّيْءِ يَقْتَضِي الْمُغَايَرَة بَيْنَ الْمَعْطُوفِ وَالْمَعْطُوفِ عَلَيْهِ مَعَ الِاشْتِرَاكِ فِي الْحُكْمِ الَّذِي ذُكِرَ لَهُمَا، وَالْمُغَايَرَة عَلَى مَرَاتِبَ:

أَعْلَاهَا: أَنْ يَكُونَا مُتَبَايِنَيْنِ، لَيْسَ أَحَدُهُمَا هُوَ الْآخَرَ، وَلَا جُزْءًا مِنْهُ، وَلَا بَيْنَهُمَا تَلَازُمٌ، [كَقَوْلِه] (١) تَعَالَى: {خَلَقَ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضَ وَجَعَلَ الظُّلُمَاتِ وَالنُّورَ} (٢). {وَأَنْزَلَ التَّوْرَاةَ وَالْإِنْجِيلَ} (٣). وَهَذَا هُوَ الْغَالِبُ.

وَيَلِيه: أَنْ يَكُونَ بَيْنَهُمَا تَلَازُمٌ، كَقَوْلِه تَعَالَى: {وَلَا تَلْبِسُوا الْحَقَّ بِالْبَاطِلِ وَتَكْتُمُوا الْحَقَّ وَأَنْتُمْ تَعْلَمُونَ} (٤). {وَأَطِيعُوا اللَّهَ وَأَطِيعُوا الرَّسُولَ} (٥).

الثَّالِثُ: عَطْفُ بَعْضِ الشَّيْءِ عَلَيْهِ، كَقَوْلِه تَعَالَى: {حَافِظُوا عَلَى الصَّلَوَاتِ وَالصَّلَاةِ الْوُسْطَى} (٦). {مَنْ كَانَ عَدُوًّا لِلَّهِ وَمَلَائِكَتِهِ وَرُسُلِهِ وَجِبْرِيلَ وَمِيكَالَ} (٧). {وَإِذْ أَخَذْنَا مِنَ النَّبِيِّينَ مِيثَاقَهُمْ وَمِنْكَ} (٨).

وَفِي مِثْلِ هَذَا وَجْهَانِ:

أَحَدُهُمَا: أَنْ يَكُونَ دَاخِلًا فِي الْأَوَّلِ، فَيَكُونُ مَذْكُورًا مَرَّتَيْنِ.

وَالثَّانِي: أَنَّ عَطْفَه عَلَيْهِ يَقْتَضِي أَنَّهُ لَيْسَ دَاخِلًا فِيهِ هُنَا، وَإِنْ كَانَ دَاخِلًا فِيهِ مُنْفَرِدًا، كَمَا قِيلَ مِثْلُ ذَلِكَ فِي لَفْظِ"الْفُقَرَاءِ وَالْمَسَاكِينَ" [وَنَحْوِه، مما] (٩) تَتَنَوَّعُ دِلَالَتُه بِالْإِفْرَادِ وَالِاقْتِرَانِ.

الرَّابِعُ: عَطْفُ الشَّيْءِ عَلَى الشَّيْءِ لِاخْتِلَافِ الصِّفَتَيْنِ، كَقَوْلِه تَعَالَى: {غَافِرِ}


(١) في الأصل: (لقوله). والصواب ما أثبتناه، كما في سائر النسخ، وكما في الفتاوى ٧/ ١٧٢. ن
(٢) سورة الْأَنْعَامِ آية ١
(٣) سورة آلِ عِمْرَانَ آية ٣
(٤) سورة الْبَقَرَة آية ٤٢
(٥) سورة الْمَائِدَة آية ٩٢
(٦) سورة الْبَقَرَة آية ٢٣٨
(٧) سورة الْبَقَرَة آية ٩٨
(٨) سورة الْأَحْزَابِ آية ٧
(٩) في الأصل: (ونحوهما) ولعل الصواب ما أثبتناه، كما في إحدى النسخ. ن

<<  <   >  >>