وظني أن منشأ هذا الخلط لدى السخاوي تحديدًا، هي منهجية التأليف في الكتب المسماة بالوفيات، فهى غالبًا ترتب على السنوات، أي تُعَنوَن السنة، ثم تسرد ما فيها من وفيات، متبعةً تنظيمًا داخليًا بترتيبها على الشهور والأيام.
ولمَّا كان (ذيل ذيل العبر) للعراقي قد اتخذ هذا المنهج سبيلًا، فقد تبادر إلى السخاوي أنه (ذيلٌ) على (وفيات) ابن أيبك التي هي على (وفيات) الشريف الحُسيني، والتي اتخذت نفس المنهج الحوالي.
وقد يعترض معترض على ما ظننت، مستندًا لاختلاف منهجية التأليف بين الأصل - (ذيل) ابن أيبك على (ذيل) الشريف الحسيني- وبين مخطوطنا، نعم أنا أقرُّ بهذا الاختلاف، إذ اعتمدت كتب الوفيات على الترتيب الحولي، فهي تبدأ بالسنة، ثم بالشهر، ثم باليوم. أما مخطوطنا فاعتمد الترتيب على الحروف، ودفع هذا الاعتراض أن ما بأيدينا إنما هي مسودة المؤلف، جمع فيها أكثر مادة، وكان يضيف إليها أحيانًا، أما حين يبضها في شكلها النهائي، فقد يغير ترتيبها التي عليه إلى الترتيب الحولي متبعًا من سبقوه.
شبهة أخرى لا بد من ردها، وهي ما ذهب إليه ابن فهد فى (لحظ الألحاظ)(١) لما عدَّد مؤلفات الزين العراقي، أن منها:" (معجم) يشتمل على تراجم من أهل القرن الثامن، غالبهم شيوخ شيوخه، وفيهم من شيوخه".
أظن أن ابن فهد كان قد اطلع على مخطوطنا هذا، فلمَّا رأى أن الزين العراقي في كثير من تراجمه للوفيات المذكورة يذكر درجة تلمذتَه لصاحب الترجمة، فإن كان من شيوخه المباشرين، قال:"حدثنا، أو سمعت منه". وإن كان من طبقة أعلى منه، كطبقة شيوخ شيوخه، قال:"حدثنا عنه .... ، أو حدثونا عنه"، لمَّا رأى ابن فهد ذلك تبادر إلى ذهنه أن هذا المؤلَّف خاص بشيوخه فمن فوقهم، خاصة أنه رتبهم هجائيًا على عادة أكثر معاجم الشيوخ.