للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

عَائِشَةَ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهَا - وَابْنِ مَسْعُودٍ، فَقُلْتُ: أَيُّهُمَا أَلْزَمُ؟ ثُمَّ قُلْتُ: أَلْزَمُ عَبْدَ اللَّهِ بْنَ مَسْعُودٍ، ثُمَّ آتِي أُمَّ الْمُؤْمِنِينَ فَأُسَلِّمُ عَلَيْهَا، فَاسْتَلَمَ عَبْدُ اللَّهِ بْنُ مَسْعُودٍ الْحَجَرَ، ثُمَّ أَخَذَ عَلَى يَمِينِهِ، وَرَمَلَ ثَلَاثَةَ أَطْوَافٍ وَمَشَى أَرْبَعَةً، ثُمَّ أَتَى الْمَقَامَ فَصَلَّى رَكْعَتَيْنِ، ثُمَّ عَادَ إِلَى الْحَجَرِ فَاسْتَلَمَهُ، وَخَرَجَ إِلَى الصَّفَا فَقَامَ عَلَى صَدْعٍ فِيهِ فَلَبَّى، فَقُلْتُ لَهُ: يَا أَبَا عَبْدِ الرَّحْمَنِ إِنَّ نَاسًا مِنْ أَصْحَابِكَ يَنْهَوْنَ عَلَى الْإِهْلَالِ هَاهُنَا، قَالَ: وَلَكِنِّي آمُرُكَ بِهِ هَلْ تَدْرِي مَا الْإِهْلَالُ؟ إِنَّمَا هِيَ اسْتِجَابَةُ مُوسَى - عَلَيْهِ السَّلَامُ - لِرَبِّهِ عَزَّ وَجَلَّ، قَالَ: فَلَمَّا أَتَى الْوَادِيَ رَمَلَ، قَالَ: رَبِّ اغْفِرْ وَارْحَمْ إِنَّكَ أَنْتَ الْأَعَزُّ الْأَكْبَرُ

وَالصَّوَابُ: الْأَوَّلُ ; لِمَا تَقَدَّمَ عَنِ النَّبِيِّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - أَنَّهُ كَانَ يُلَبِّي فِي عُمْرَتِهِ حَتَّى يَسْتَلِمَ الْحَجَرَ، وَأَثَرُ ابْنِ مَسْعُودٍ قَدْ خَالَفَهُ فِيهِ عِدَّةٌ مِنْ أَصْحَابِ رَسُولِ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - كَمَا ذَكَرَهُ مَسْرُوقٌ - وَإِذَا تَنَازَعَ أَصْحَابُ رَسُولِ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - كَانَتِ السُّنَّةُ قَاضِيَةً بَيْنَهُمْ، وَلَيْسَ هُوَ صَرِيحًا بِأَنَّ ابْنَ مَسْعُودٍ كَانَ مُعْتَمِرًا وَإِنَّمَا الصَّرِيحُ فِيهِ أَنْ مَسْرُوقًا كَانَ هُوَ الْمُعْتَمِرَ ; لَكِنَّ الظَّاهِرَ أَنَّهُ كَانَ مُعْتَمِرًا أَيْضًا لِأَنَّهُمْ إِذْ ذَاكَ إِنَّمَا كَانُوا يُحْرِمُونَ بِعُمْرَةٍ فِي أَشْهُرٍ، كَمَا كَانَ عُمَرُ قَدْ أَمَرَهُمْ بِهِ وَظَاهِرُهُ أَنَّ أَكْثَرَ أَصْحَابِ النَّبِيِّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - كَانُوا يَنْهَوْنَ عَنِ الْإِهْلَالِ عَلَى الصَّفَا مُطْلَقًا فِي الْحَجِّ وَالْعُمْرَةِ كَمَا تَقَدَّمَ.

<<  <  ج: ص:  >  >>