للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وَقَالَ عَبْدُ اللَّهِ: سَأَلْتُ أَبِي عَنِ الْمُحْرِمِ يَسْتَظِلُّ؟ قَالَ: لَا يَسْتَظِلُّ، فَإِنِ اسْتَظَلَّ أَرْجُو أَنْ لَا يَكُونَ عَلَيْهِ شَيْءٌ، وَقَالَ أَيْضًا: سَأَلْتُهُ عَنِ الْمُحْرِمِ يُظَلَّلُ؟ قَالَ: لَا يُعْجِبُنِي أَنْ يُظَلَّلَ، قَالَ أَبِي يَسْتُرُ قَدْرَ مَا يَرْمِي الْجَمْرَةَ عَلَى حَدِيثِ أُمِّ الْحُصَيْنِ، وَقَالَ: سَأَلْتُهُ عَنِ الْمُحْرِمِ يَسْتَظِلُّ أَحَبُّ إِلَيْكَ أَمْ تَأْخُذُ بِقَوْلِ ابْنِ عُمَرَ: اضْحَ لِمَنْ أَحْرَمْتَ لَهُ؟ قَالَ: لَا يَسْتَظِلُّ لِقَوْلِ ابْنِ عُمَرَ: "اضْحَ لِمَنْ أَحْرَمْتَ لَهُ " فَقَدْ بَيَّنَ أَنَّ الِاسْتِظْلَالَ مَكْرُوهٌ مُطْلَقًا إِلَّا الْيَسِيرَ لِحَاجَةٍ، وَأَنَّهُ لَا فِدْيَةَ فِيهِ، وَيُشْبِهُ أَنْ تَكُونَ هَذِهِ الرِّوَايَةُ هِيَ الْمُتَأَخِّرَةُ؛ لِأَنَّ رِوَايَاتِ ابْنِ الْحَكَمِ قَدِيمَةٌ. قَالَ أَبُو بَكْرٍ: وَبِهَذَا أَقُولُ وَهُوَ أَصَحُّ إِنْ شَاءَ اللَّهُ؛ لِأَنَّ ابْنَ عُمَرَ الَّذِي رُوِيَ عَنْهُ كَرَاهَةُ ذَلِكَ لَمْ يَأْمُرِ الَّذِي فَعَلَهُ بِفِدْيَةٍ، وَقَدْ رَفَعَ الظِّلَّ بِيَدِهِ.

وَلِأَنَّهُ قَدْ أُبِيحَ نَوْعُهُ فِي الْجُمْلَةِ، فَجَازَ مَا لَا يَدُومُ، وَجَازَ مِنْهُ مَا لَا يُقْصَدُ بِهِ التَّظَلُّلُ، وَنَحْوُ ذَلِكَ.

وَمَحْظُورَاتُ الْإِحْرَامِ: يَجِبُ اجْتِنَابُهَا بِكُلِّ حَالٍ كَالطِّيبِ وَاللِّبَاسِ، فَصَارَ فِي الْوَاجِبَاتِ كَالدَّفْعِ مِنْ مُزْدَلِفَةَ قَبْلَ الْفَجْرِ - لَمَّا رُخِّصَ فِيهِ لِبَعْضِ النَّاسِ مِنْ غَيْرِ ضَرُورَةٍ - عُلِمَ أَنَّهُ جَائِزٌ فِي الْجُمْلَةِ، وَأَنَّ السُّنَّةَ تَرْكُهُ بِخِلَافِ الدَّفْعِ مِنْ عَرَفَةَ، فَإِنَّهُ لَا يَجُوزُ لِأَحَدٍ حَتَّى تَغْرُبَ الشَّمْسُ.

[مَسْأَلَةٌ الطيب]

مَسْأَلَةٌ: (الْخَامِسُ الطِّيبُ فِي بَدَنِهِ وَثِيَابِهِ):

وَجُمْلَةُ ذَلِكَ: أَنَّ الْمُحْرِمَ يَحْرُمُ عَلَيْهِ ابْتِدَاءً الطِّيبُ بِإِجْمَاعِ الْمُسْلِمِينَ. وَهَذَا مِنَ الْعِلْمِ الْعَامِّ، وَقَدْ قَالَ النَّبِيُّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - فِي الْمُحْرِمِ الَّذِي أَوْقَصَتْهُ نَاقَتُهُ: " «لَا تُخَمِّرُوا رَأْسَهُ وَلَا تُقَرِّبُوهُ طِيبًا، فَإِنَّهُ يُبْعَثُ يَوْمَ الْقِيَامَةِ مُلَبِّيًا» " وَفِي

<<  <  ج: ص:  >  >>