للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

[مَسْأَلَةٌ وجوب الحج على من فرط فيه حتى مات]

مَسْأَلَةٌ: (فَمَنْ فَرَّطَ حَتَّى مَاتَ أُخْرِجَ عَنْهُ مِنْ مَالِهِ حَجَّةٌ، وَعُمْرَةٌ) وَجُمْلَةُ ذَلِكَ أَنَّ مَنْ وَجَبَ عَلَيْهِ أَنْ يَحُجَّ بِنَفْسِهِ، أَوْ نَائِبِهِ فِي حَيَاتِهِ، فَفَرَّطَ فِي ذَلِكَ حَتَّى مَاتَ، وَلَهُ تَرِكَةٌ: وَجَبَ أَنْ تُخْرَجَ مِنْ مَالِهِ حَجَّةٌ وَعُمْرَةٌ إِذَا قُلْنَا بِوُجُوبِهَا، وَهُوَ الْمَشْهُورُ فِي الْمَذْهَبِ.

وَكَذَلِكَ مَنْ وَجَبَ عَلَيْهِ وَلَمْ يُفَرِّطْ؛ وَهُوَ مَنْ كَانَ بِهِ مَرَضٌ يُرْجَى بُرْؤُهُ، أَوْ كَانَ مَحْبُوسًا، أَوْ مَمْنُوعًا، أَوْ كَانَ بِطَرِيقَةٍ عَاقَةٍ، أَوْ ضَاقَ الْوَقْتُ عَنْ حَجِّهِ وَعُمْرَتِهِ، أَوْ لَمْ يَكُنْ لِلْمَرْأَةِ مَحْرَمٌ إِذَا قُلْنَا بِوُجُوبِ الْحَجِّ فِي ذِمَّتِهِمْ، وَيَكُونُ هَذَا الْحَجُّ دَيْنًا عَلَيْهِ يُخْرَجُ مِنْ رَأْسِ مَالِهِ مُقَدَّمًا عَلَى الْوَصَايَا وَالْمَوَارِيثِ. هَذَا مَذْهَبُ أَحْمَدَ، نَصَّ عَلَيْهِ - فِي مَوْضِعٍ - وَأَصْحَابِهِ، كَمَا قُلْنَا مِثْلَ ذَلِكَ فِي الزَّكَاةِ وَالصِّيَامِ؛ لِأَنَّ الْحَجَّ دَيْنٌ مِنَ الدُّيُونِ، بِدَلِيلِ مَا رَوَى عَبْدُ اللَّهِ بْنُ الزُّبَيْرِ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمَا - قَالَ: «جَاءَ رَجُلٌ مِنْ خَثْعَمَ إِلَى النَّبِيِّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - فَقَالَ: إِنَّ أَبِي أَدْرَكَهُ الْإِسْلَامُ، وَهُوَ شَيْخٌ كَبِيرٌ لَا يَسْتَطِيعُ رُكُوبَ الرَّحْلِ، وَالْحَجُّ مَكْتُوبٌ عَلَيْهِ أَفَأَحُجُّ عَنْهُ؟ قَالَ: (أَنْتَ أَكْبَرُ وَلَدِهِ؟) قَالَ: نَعَمْ، قَالَ: (أَرَأَيْتَ لَوْ كَانَ عَلَى أَبِيكَ دَيْنٌ فَقَضَيْتَهُ عَنْهُ أَكَانَ ذَلِكَ يُجْزِئُ عَنْهُ؟ قَالَ: نَعَمْ، قَالَ: فَاحْجُجْ عَنْهُ»). رَوَاهُ أَحْمَدُ وَالنَّسَائِيُّ.

<<  <  ج: ص:  >  >>