كَانَ أَعْجَلَ - وَقَالَ بَعْدَمَا ذَهَبَ بَصَرُهُ -: فَاسْتَحْيَتِ الْمَرْأَةُ فَأَدْبَرَتْ فَدَعَاهَا، فَقَالَ: عَلَيْكُمَا فِدْيَةٌ صِيَامٌ أَوْ صَدَقَةٌ أَوْ نُسُكٌ، فَقَالَتِ الْمَرْأَةُ: أَيُّ ذَلِكَ أَفْضَلُ؟ قَالَ: النُّسُكُ، قَالَتْ: فَأَيُّ النُّسُكِ أَفْضَلُ؟ قَالَ: نَاقَةٌ تَنْحَرِينَهَا. وَلَا يُعْرَفُ لَهُ فِي الصَّحَابَةِ مُخَالِفٌ.
وَأَيْضًا: فَإِنَّهُ وَإِنْ كَانَ عَلَى إِحْرَامِهِ: فَقَدْ نَقَضَ إِحْرَامَهُ بِجَوَازِ التَّحَلُّلِ مِنْهُ بِالْحَلْقِ، فَلَمْ يَبْقَ إِحْرَامًا تَامًّا.
وَأَيْضًا: فَالْحَلْقُ وَإِنْ كَانَ نُسُكًا وَاجِبًا فَلَا رَيْبَ أَنَّهُ تَحَلُّلٌ مِنَ الْإِحْرَامِ لَيْسَ هُوَ مِمَّا يُفْعَلُ فِي الْإِحْرَامِ، بَلْ هُوَ بَرْزَخٌ بَيْنَ كَمَالِ الْحَرَمِ وَكَمَالِ الْحِلِّ. فَإِذَا وَطِئَ فَإِنَّمَا أَسَاءَ لِكَوْنِهِ قَدْ تَحَلَّلَ بِغَيْرِ الْحَلْقِ، وَمِثْلُ هَذَا لَا يُفْسِدُ الْإِحْرَامَ، فَعَلَى هَذَا لَا يَحْلِقُ بَعْدَ الْوَطْءِ وَلَا يُقَصِّرُ.
وَأَمَّا كَوْنُهُ إِحْرَامًا تَامًّا: فَغَيْرُ مُسَلَّمٍ.
[مَسْأَلَةٌ النسك لَا يَفْسُدُ بِإِتْيَانِ شَيْءٍ حَالَ الْإِحْرَامِ إِلَّا الْجِمَاعِ]
مَسْأَلَةٌ: (وَلَا يَفْسُدُ النُّسُكُ بِغَيْرِهِ).
قَالَ ابْنُ الْمُنْذِرِ: أَجْمَعَ أَهْلُ الْعِلْمِ عَلَى أَنَّ الْحَجَّ لَا يَفْسُدُ بِإِتْيَانِ شَيْءٍ حَالَ الْإِحْرَامِ إِلَّا الْجِمَاعِ.
وَذَلِكَ لِأَنَّ اللَّهَ سُبْحَانَهُ ذَكَرَ حَلْقَ الرَّأْسِ قَبْلَ الْإِحْلَالِ لِلْمَعْذُورِ، وَأَوْجَبَ بِهِ الْفِدْيَةَ وَلَمْ يُوجِبِ الْقَضَاءَ كَمَا أَوْجَبَهُ فِي مَنْ أَفْطَرَ فِي رَمَضَانَ لِمَرَضٍ أَوْ سَفَرٍ، وَحَرَّمَ قَتْلَ الصَّيْدِ حَالَ الْإِحْرَامِ وَذَكَرَ فِيهِ الْعُقُوبَةَ وَالْجَزَاءَ وَلَمْ يَفْسُدْ بِهِ الْإِحْرَامُ، وَلَمْ يُوجِبْ قَضَاءَ ذَلِكَ الْإِحْرَامَ وَقَدْ «أَمَرَ النَّبِيُّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - مَنْ أَحْرَمَ فِي جُبَّتِهِ أَنْ يَنْزِعَهَا وَلَمْ يَأْمُرْهُ بِكَفَّارَةٍ وَلَا قَضَاءٍ».
وَالْفَرْقُ بَيْنَ الْمُبَاشَرَةِ وَبَيْنَ غَيْرِهَا مِنَ الْمَحْظُورَاتِ مِنْ وُجُوهٍ؛ أَحَدُهَا: أَنَّ سَائِرَ مَحْظُورَاتِ الْإِحْرَامِ تُبَاحُ لِعُذْرٍ فَإِنَّهُ إِذَا احْتَاجَ إِلَى اللِّبَاسِ، وَالطِّيبِ، وَالْحَلْقِ، وَقَتْلِ
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute